بأقلامهم >بأقلامهم
"الغيبوبة وتلفيق الأكذوبة"!
جنوبيات
يُروى في خوابي الحكايا المعاصرة، حيث الولادة من الخاصرة، والأعين شاخصة باصرة، والقلوب حزينة حاسرة، والحيرة تأخذ الناس إلى النواحي الخاسرة، أنّ "أبا سعيد الكواسرة" ذهب ذات يوم إلى "مستشفى النّاصرة" لعيادة أحد المرضى من أقربائه آل كواسرة، الذي يرقد في العناية الفائقة، بعد جلطة ألمّت به من ضائقة.
وبينما هو هناك جالس على كرسيّ يتأمّل قريبه المريض، إذ به يسمع صراخًا من إحدى غرف العناية، فخرج لاستطلاع الأمر فسمع أحد الأشخاص يتكلّم بصوت عالٍ موجّهًا حديثه إلى أحد الأطبّاء: "أرجوك يا دكتور افعل شيئًا إنّها زوجتي وشريكة حياتي"!
فردّ عليه الدكتور بنظرة حزن وأسى: آسف لا أستطيع أن أفعل لها شيئًا، الأمر صعب جدًّا، وزوجتك دخلت في غيبوبة عميقة، ويبدو أنّها طويلة، ادع لها لعلّها ساعة إجابة".
اختلجت أضلاع الزوج المسكين وبدأ بالبكاء والنحيب قائلًا: "يا دكتور، دخيلك، حاول تفيّقها، عمرها 40 سنة، وعندنا أولاد صغار بحاجة لعنايتها"!
وفجأة، حدث ما لا يخطر على البال، إذ لم تمض سوى ثوان قليلة حتّى سمعنا صوتًا من الجهاز يدلّ على أنّ الدورة الدمويّة عادت لتعمل بانتظام، وبدأت الزوجة تحرّك يديها وقدميها، وفتحت عينيها، وبقدرة قادر حرّكت شفتيها وقالت بغضب: كذّاب عمري 35 سنة فقط!
سبحان الله… استفاقت من الغيبوبة لتلفيق الأكذوبة، إذ لم تستطع تحمّل تقدّمها في السنّ!
إنّها المرأة بجمالها ودلالها وأناقتها، ودفاعها المستميت ضدّ تقدّم العمر لضرب المواعيد ورسم التجاعيد، فهي تريد من الزمن أن يعيد لها الحيويّة والشباب، ولو أدّى ذلك إلى نعت زوجها بالكذّاب.
إنّها قصّة طريفة خفيفة القصد منها زرع الابتسامة في زمن القهر والقمع والاستبداد والتحكّم بالبلاد والعباد، من قبل زمرة من الأوغاد همّها الوحيد السيطرة على مقدّرات وطن بأكمله بكلّ الطرق والوسائل حتّى اختلط الحابل بالنابل!