بأقلامهم >بأقلامهم
لا تكرهوا شيئًا لعلّه خير لكم
لا تكرهوا شيئًا لعلّه خير لكم ‎السبت 17 12 2022 08:29 القاضي م جمال الحلو
لا تكرهوا شيئًا لعلّه خير لكم

جنوبيات

يُحكى في الزمن المعاصر حيث تحلو المغامرة أنّ صديقين كانا يرسمان اللوحات الجميلة على سطح بناء شاهق جدًّا. وعندما انتهى أحدهما من رسم لوحته أخذ يتأمّلها ويرجع إلى الوراء رويدًا رويدًا ليتمعّن في رسمته. فقد أعجبته كثيرًا وانبهر بها، وأخذ يواصل تراجعه أكثر فأكثر إلى الوراء. وكانت اللوحة التي رسمها تعجبه أكثر كلّما رجع إلى الخلف، إلى أن وصل إلى حافة سطح العمارة بدون أن يشعر.

فلمّا رآه صديقه على هذا الحال خاف أن ينبّهه بصوت عالٍ لأنّه وضع في حسبانه أن يُربكه النداء فيسقط من أعلى العمارة. فما كان منه إلّا أن أخذ علبة الألوان وسكبها على لوحة صاحبه الجميلة مشوّهًا ملامحها. عندها ركض صاحب اللوحة باتّجاه لوحته وهو في حالة غضب شديد من تصرّف صاحبه، وصرخ فيه: لماذا فعلت هكذا؟! فأجابه: لو بقيت مُعجبًا برسمتك أكثر لكنت وقعت ومتّ.
أحيانًا، نرى أشياء جميلة في حياتنا 
نحبّها، ونتعلّق بها، ولا نتصوّر حياتنا بدونها. ومن شدّة إعجابنا بها، وبدون أن نشعر، تُرجعنا للخلف، ولا نكاد ننتبه أنّها سبب تأخّرنا.
قد نتوجّعُ من أشياء مضت وقد نبكي بحرقة على أقدار لم تُكتب لنا، ولكن بعد فترة من المؤكّد أنّنا سوف نكتشف العِبرة في ذلك وندرك كنه الأسباب. وعندها سنحمد الله تعالى كثيرًا على فقد تلك الأشياء التي لو استمرّت لكانت خسرانًا وحسرة. ولا بدّ هنا من أن نتذكّر قول الله عزّ وجلّ في محكم تنزيله: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ".
صدق الله العظيم. 

المصدر : جنوبيات