بأقلامهم >بأقلامهم
المطلوب لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني داخلياً
جنوبيات
تصب جميع المعطيات في أنّ الإسرائيليين غير معنيين بإقامة دولة فلسطينية، لا على حدود حزيران 1967 ولا على أيّ حدود أخرى، لأنّ سياستهم قامت على الاستيطان الاستعماري الإحلالي، وقيام أيّ نوع من الدولة الأخرى، يقوّض تحقيق ما قامت عليه الحركة الصهيونية والدولة التي صنعتها بمساعدة الغرب، بالأخص الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي هدفت ولا زالت، إلى توسيع الاستيطان والسيطرة الكاملة على الأرض ومن فيها وما فوقها وما في باطنها من موارد.
وبما أنّ السياسة الإسرائيلية ثابتة لا تتغيرمع تغير الحكومات، فهدف الصهيونية واضح بغض النظر عن إن كان الحكم لليمين أولليسار، وبما أنّ الإسرائيليين غير ملتزمين بأيّ اتفاقيات عقدت، لا بأوسلو، ولا قبل أوسلو، ولا بعدها، فإنّه أصبح من الضروري تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في كل مكان، خاصة على أرض فلسطين في الضفة الغربية، دون التعويل على أيّ طرف خارجي، حيث ثبت وبالوجه القاطع، أنّه ما حك جلدك مثل ظفرك، ويتطلب تعزيز الصمود ما يلي:
أولاً: بناء الاقتصاد الفلسطيني، ما يتطلب الانفكاك الكلي عن إسرائيل اقتصادياً، وسيطرتنا كفلسطينيين على مواردنا الطبيعية سيطرة كاملة، وكذلك إدارتها بأنفسنا، كتنفيذ للقرار الذي اتخذه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 2018، واستكمالاً لخطة العناقيد التنموية التي أطلقها رئيس الوزراء محمد اشتية والمتعلقة بالانفكاك الاقتصادي والخدماتي التدريجي عن دولة الاحتلال.
ثانياً: التركيز على رأس مالنا الحقيقي، كما كان دائماً، ولا زال، وسيبقى، وهو التعليم، الذي ميّز شعب فلسطين أينما كان، والذي تميّز به عن بقية الشعوب. فعلى الرغم من صعوبة الحياة للفلسطيني أينما تواجد، إلّا أنّه استطاع أن يثبت نفسه أينما كان بالتفوق بالتعليم والإبداع وإفادة الشعوب والدول الأخرى بهذه الإمكانيات الفذة، والتي طالما اعترف بها بعض الأخوة الأشقاء من السعوديين والكويتيين.
ثالثاً: التركيز على حقوق المرأة الفلسطينية التي كانت منذ البدايات، شريكة للرجل في النضال وفي جميع نواحي الحياة، فهي المرأة الصلبة المناضلة المكافحة، الأم والزوجة والابنة وأخت الشهيد والجريح والأسير، التي استطاعت أن تعيش في ظل الاحتلال، وأن تقاوم وأن يكون لها دور فعّال، ليس فقط في تربية الجيل الجديد، بل أيضاً في جميع نواحي الحياة، حيث أنها وصلت إلى أعلى المناصب الحكومية داخل فلسطين، ونجحت بتمثيل الوطن كسفيرة في العديد من الدول، حيث أنّ نسبة النساء من سفراء دولة فلسطين ليست بقليلة، كما أنّ فلسطين لدينا نماذج هامات وقامات صخرية من النساء، أمثال أم ناصر أبو حميد، وأم كريم يونس، رحمها الله، وغيرهنّ كثيرات. لذا يتوجب على المسؤولين في فلسطين، تعزيز هذا الحق أكثر وأكثر، وإعطاء المرأة مزيداً من الفرص لتثبت نفسها في جميع المجالات، وعلى الرغم من التحدّيات، لتقوم بما يقوم به الرجل من مهام سياسية ودبلوماسية واجتماعية وثقافية وغيرها، ومساواتها بالرجل في الراتب والرتبة والمكانة، وعدم النظر إليها كدرجة ثانية، لأن المرأة الفلسطينية أثبتت أنها تستحق أن تكون بالصدارة بجدارة.
رابعاً: التركيز على حقوق الأقليات وصونها وتعزيزها، كالأرمن الموجودين في القدس، واليهود السامريين الفلسطينيين الموجودين في نابلس.
خامساً: مساعدة المحتاجين وتوفير فرص العمل من خلال مؤسسات الدولة المعنية بذلك، وهنا نتحدث عن الضفة بما فيها القدس، العاصمة الأبدية لفلسطين، والأهل في غزة الذين يقبعون تحت حكم جائر وظلم أهل القربى.
سادساً: تشكيل حكومة إصلاح، بحيث يكون أساس تشكيلها مبنياً على مكافحة الفساد في جميع مجالاته، وفي كافة أماكن تواجده، وعلى جميع مستوياته.
سابعاً: دعم الديمقراطية الحقيقية في الأراضي الفلسطينية وتعزيزها، بحيث يكون أبناء الشعب الفلسطيني كافة، ممثلين في هذه الحكومة بكافة أطيافهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم، وفق معايير منطقية وموضوعية ومقبولة من قبل الشعب.
ثامناً: بقاء المفاوضات مع الإسرائيليين مفتوحة من أجل رفع الضرر عن أبناء الشعب الفلسطيني، على الرغم من معرفتنا المسبقة أنها طريق مسدود، ولكن لنبقي هذا الخيار بمنطق الضرورة والتحدّي ودرء الخطر، وبدرجة أقل، الأمل بتحقيق تقدم بما هو أفضل من الوضع الحالي، وتحت قاعدة "خذ وطالب"، ولكن بوعي وإدراك وتخطيط وتنظيم زتنفيذ وتأهيل أفضل مما كان في أوسلو، التي أدرك الجميع أنها، وعلى الرغم مما حققته على الأرض، ليست أكثر من فخ محكم لاستمرار الاحتلال بصورته القديمة والمحدّثة.
تاسعاً: رفع مستوى المعيشة للفلسطينيين، وهذا يتطلب مراجعة الأولويات في الإنفاق، ورفع الحد الأدنى للأجور، وزيادة الرواتب للفئات الأقل حظاً من ذوي الرواتب العالية، وخفض أسعار السلع ما أمكن ليتمكن كل مواطن من الحصول على احتياجاته من الأساسيات دون شق الأنفس، وغيرها من الإجراءات التي يوصي بها الاقتصاديون.
ما سبق، هو أقل ما يمكن العمل عليه لتعزيز صمود شعبنا بالعمل الجاد الفعلي الصارم، بحيث يخضع التقصير في تحقيقه إلى مساءلة حقيقية وتحمل للمسؤولية في حال الإخلال بتحقيق الهدف المنشود.