رحم الله المربّي والشّاعر المميّز خليل برهومي فقد كان يردّد على مسمعي دائمًا هذه العبارة العبقة ببوح الإحساس الحزين، وبابتسامة فيها من الألم ما يفيض به الأنين فيقول: "سلامًا لمن يخفون أحزانهم بالابتسامة الجميلة".

وعندما كنت أسأله عن تكراره لهذه المقولة، كان يجيبني (وبابتسامة عطرة ممزوجة بعبرات الألم والحزن): "هناك أيّامٌ عِجافٌ ستمرُّ بك وتُرهقك وتظنّ أنّها النّهاية، ويأتي بعدها أيّامٌ تُغاثُ فيها وترتوي مِن فيض الرحيم الكريم فاصبرْ، وأحسِن الظنَّ بالله. فما بعد الصبر إلّا الفرج، وما بعد الضّيق إلّا كرم العطاء من ربّ السماء".
وعليه، فقد قيل في الصبر الكثير، ومن أجمل ما قيل: "الصبر مثل اسمه مرّ مذاقته.. لكن عواقبه أحلى من العسل".
قد تضيق ثمّ تنفرج دنياك فجأة، وذلك ربّما بسبب دعوات عانقت السماء مِن فقير أعنته، أو حزين أسعدته، أو عابر ابتسمت له، أو مكروب نفّست عنه، أو صديق أخطأت بحقّه فسامحك واستغفر لك وله. فلا تستهن بفعل الخير أبدًا.
فليس كلّ ما تعرفُه يُريح القلب ويُزيل الهمّ، فبعضُ الأشياء أجملُ لو بقِيَت مجهولةً. "فسلامًا لمن يخفون أحزانهم وبراكين همومهم بالهدوء والابتسامات الجميلة.
سلامًا لمن يؤثرون الكتمان على البوح.
سلامًا لمن لا يحبّون تسوّل الشفقة وعطف الآخرين.
سلامًا لمن ينعكس في ملامحهم جمال أخّاذ.
وسلامًا لمن لا يعرفون الكره والحقد، ويلتمسون العذر لغيرهم دائمًا".
وقد صدق الشاعر عندما قال:
"ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها.. فُرجت وكنت أظنّها لا تفرج".
وأختم لأقول: اللهمّ إنّا نسألك صدق التوكّل عليك وحسن اللجوء إليك.
آمين...