مقالات مختارة >مقالات مختارة
حتى المصبغة.. للأغنياء فقط!
الأربعاء 18 01 2023 14:29جنى غلايني
لم يعد المواطن اللبناني قادراً على شراء ثياب جديدة في كل موسم، ولا حتى في المناسبات، لأن قدرته الشرائية تراجعت، وراتبه لا يتحمل شراء أكثر من قطعة كل شهرين إذا دعت الحاجة. ولتفادي هذه الصعوبات، لجأ إلى المصبغة، لاعتقاده أنها قد تكون الحل لمشكلته، فبدلاً من أن يضطر إلى شراء ثياب تفوق قدرته المادية، يقوم بتجديد ثيابه بأقل كلفه ممكنة، أي تجديد عدة قطع من الملابس وصيانتها في المصبغة بكلفة قطعة ثياب واحدة من السوق.
ولكن، ما لم يكن في الحسبان أن أسعار المصبغة لخياطة الملابس ورتقها وصبغها، إضافة إلى التصليحات الأخرى، أصبحت باهظة الثمن، حتى كادت تصل إلى أكثر من نصف سعر القطعة الجديدة في السوق، ولهذا السبب نلاحظ أيضاً ازدهار سوق الثياب المستعملة “البالة”.
مشكلة الغلاء التي طالت صيانة الثياب في المصبغة، بدأت بالظهور منذ العام الماضي، بعدما اشتدت الأزمة الاقتصادية، وتدهورت الأوضاع المعيشية أكثر، ولجأ الناس إلى حلول بديلة، ولكن “أكلوا الضرب”!.
وللاستفسار أكثر عن أوضاع المصابغ، يقول أحمد سليمان، صاحب مصبغة مشهورة في بيروت ولها فروع في عدد من المناطق، في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “كانت تسعيرة غسيل وكي البدلة في السابق 12 دولاراً أي ما يساوي 18 ألف ليرة، أما اليوم فأصبحت 5 دولارات أي ما يعادل 240 ألفاً. وتسعيرة غسيل وكي قطعة ملابس واحدة كانت تصل الى 10 آلاف ليرة، واليوم أصبح كي القطعة يكلّف دولاراً واحداً والغسيل دولارين، فارتفعت أسعار المصابغ بصورة كبيرة جداً نظراً الى الظروف التي يمر بها البلد”. ويشير الى أن “الاقبال على المصابغ تراجع جداً وأصبح الزبائن يصنّفون من الطبقة الغنية فقط”.
ويشرح سليمان عن الكلفة التشغيلية التي تتطلبها فروع مصابغه: “في السابق لم أكن أحسب حساباً لفاتورة الكهرباء التي كانت تصل الى 800 ألف ليرة، واليوم أحتاج الى 4 أطنان من المازوت في الشهر الواحد ما يكلّفني 200 مليون ليرة، وهناك كلفة المياه بحيث نطلب صهاريج أكثر من مرتين في الأسبوع، وعلبة تعاليق الثياب التي كانت تكلفتها سابقاً 18 دولاراً أصبحت 28 دولاراً أي بزيادة 10 دولارات نتيجة الشحن من الخارج والجمرك، إضافة الى الغلاء الهائل في أدوات تنظيف الغسيل، كما لا يمكن أن ننسى اليد العاملة، فالعامل كان يتقاضى مليوناً ونصف المليون أو مليونين كحد أقصى، واليوم يتقاضى 200 أو 300 دولار من لديه خبرة كبيرة في المصلحة. وفي فروع مصبغتي لدي 30 عاملاً يعتاشون من هذه المصلحة، فضلاً عن الصيانة التي تحتاجها الآلات”.
ويوضح أن “خياطة الملابس زادت بصورة كبيرة، وكذلك تصليح قطع الملابس التي لم تعد صالحة أو فيها الكثير من البقع، فتُصبَغ بكلفة 200 ألف ليرة وأكثر حسب القطعة”.
ويؤكد سليمان أن “الزبائن يرون أنّ أسعار المصابغ أصبحت باهظة، وهذا ما يسبب تراجعاً في الاقبال عليها، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه لأكثر من سنتين مع التلاعب والارتفاع في سعر الدولار فبالتأكيد سنكون مضطرين لاقفال أبوابنا كما أبواب الكثير من المؤسسات