بأقلامهم >بأقلامهم
"رسالة لمن يتّعظ"!
جنوبيات
زلزال بقوّة 7،8 على مقياس ريختر جاء ليرينا عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
"هذا الزلزال المدمّر، والآثار الكارثيّة والمأساويّة التي ترتّبت على حدوثه، والمفجع في ضحاياه البشريّة والماديّة " لم يأت ليرينا حجمه، وإنّما جاء ليرينا حجمنا نحن معشر الإنس!
ثوان معدودات جعلتنا نشعر بضعفنا وقلّة حيلتنا وهواننا على أنفسنا.
ثوان جعلتنا ندرك أنّه بلحظات خوف علينا أن نعود بكلّيّتنا إلى خالقنا العظيم.
ثوان حتّمت علينا أن نعي قول المولى عزّ وجلّ في محكم تنزيله:
"يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم".
ثوان همست بضمائرنا قبل آذاننا ومسامعنا لتذكّرنا بقوله عزّ من قائل: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله".
فإذا كانت هذه الهزّة الأرضيّة وبالشّكل التي أتت به قد خلعت القلوب الواجفة، فما هو حالنا إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها؟
وماذا سنعمل يوم الزلزال الأكبر، عندما تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، وتضع كلّ ذات حمل حملها، وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
فعندما تهتزّ الأرض وللحظات قاسية ومريرة ومروّعة، تتلاشى عندنا المطامع، ويبقى طمع النّجاة. وتنكشف أمامنا حقيقة وجودنا، إنّ إلى ربّنا الرّجعى، ويتجدّد شعورنا بأنّنا بقبضة الله، ونوقن أنّنا لا نملك حتّى أنفسنا، وتتبخّر من رؤوسنا المخاوف من المستقبل، والفقر، والجوع، والعطش، والبرد، والحرّ، وما إلى هنالك من مخاوف أخرى. ولا يبقى لدينا سوى الخوف من العزيز الجبّار.
لذا، فاهتزاز الأرض رسالة من الله إلينا علّنا نتّعظ ونعود إليه بكلّ جوارحنا.
فيا من تعيشون على أرضه، وتأكلون من رزقه، وتعصونه خفية وعلانية، أما آن لكم أن ترجعوا الى بارئكم؟
أما آن لكم أن تتضرّعوا إليه خيفة وجهرًا؟
أما آن أن تضعوا جباهكم على الأرض (والتي تكاد تبتلعكم بأقلّ من طرفة عين) لترفعوا شكواكم إليه بكلّ يقين بالاستجابة؟!
الجواب القطعيّ نعم وألف نعم.
بلى يا ربّ لقد آن...
اللهمّ ردّنا إليك ردًّا جميلا، وأصلح ما فسد منّا وفينا، وارزقنا التوبة والإنابة، واجعلنا نخشاك كأنّنا نراك.
اللهمّ يا قديم الإحسان عاملنا بما أنت أهله، ولا تعاملنا بما نحن أهله، وأنت أهل التّوبة والمغفرة.
يا لطيفًا في الأزل الطف بنا فيما جرت به المقادير، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، إنّك على كلّ شيء قدير وبالإجابة جدير.
آمين يا ربّ العالمين...