بأقلامهم >بأقلامهم
"حوار الكبار لتصحيح المسار"
جنوبيات
من المعروف أنّ يونس بن عبد الأعلى هو أحد طلّاب اﻹمام الشافعيّ رحمه الله. وذات يوم اختلف يونس مع أستاذه الشافعيّ في مسألة ما، أثناء إلقاء هذا الأخير الدرس في أحد المساجد. فقام يونس غاضبًا، وترك الدرس وذهب إلى بيته. فلمّا أقبل الليل، سمع يونس صوت طرقٍ على باب منزله، فقال يونس : من بالباب؟ أجاب الطارق : محمّد بن إدريس. فقال يونس : "والله، لقد فكّرت في كلّ من كان اسمه محمّد بن إدريس، إلّا الإمام الشافعيّ".
قال: فلمّا فتحت الباب، فوجئت به! فقال له الإمام الشافعيّ : "يا يونس، تجمعنا مئات المسائل، وتفرّقنا مسألة"؟ ثمّ أردف قائلًا: "يا يونس، لا تحاول الانتصار في كلّ الاختلافات، فأحيانًا كسب القلوب أولى من كسب المواقف.
يا يونس، لا تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها، فربّما تحتاجها للعودة يومًا ما.
يا يونس، إكره الخطأ دائمًا ولكن لا تكره المُخطئ، وأُبغض بكلّ قلبك المعصية، لكن سامح وارحم العاصي .
يا يونس، إنتقد القول، لكن إحترم القائل".
ما أجمله من كلام بمنتهى الرقيّ ينمّ عن أخلاق عالية، كيف لا وهو الإمام الشافعيّ رحمه الله. ما أجملها من أخلاق.
إنّ مهمّتنا هي أن نقضي على المرض، لا على المرضى. فكم نحتاج لهذا الكلام بيننا في أيّامنا هذه. وكم نحتاج إلى حوار الكبار، لتصحيح المسار. وكم نحتاج إلى تلك المفاهيم القيّمة التي تقضي على الجهل المطبق الذي لازم مسيرة وطن جريح، استبيحت فيه كلّ المحارم والحرمات.
فهل من يعتبر؟
وهل من يسمع؟
وبالتالي هل من يتّعظ؟