رون بن يشاي، الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت، قال إن أبرز مؤشرات التدهور الأمني الإسرائيلي ما تشهده الأسابيع الثلاثة الماضية من استمرار للعمليات الفدائية الفلسطينية في الضفة الغربية التي بدأت في مارس 2022، ‏رغم مزاعم الجيش والشاباك بأنهم تمكنوا من منع وإحباط معظم الهجمات المخطط لها من خلال النشاط الوقائي في نقاط الاحتكاك ‏كل ليلة، لكن لا يزال هناك 40 إنذارا يوميًا حول نية تنفيذ عمليات، وفي القدس المحتلة هناك تدهور في الوضع الأمني والشعور ‏بالأمن لدى المستوطنين.‏

 

وأضاف أن "الوضع في غزة ليس أقل سوءا على الصعيد الإسرائيلي، فمنذ نهاية كانون الثاني/ يناير ‏وحتى اليوم، أطلقت عشرات الصواريخ، ما يشير إلى أن الردع الإسرائيلي يتآكل بشكل متسارع، رغم الجهود التي يتم بذلها للتهدئة، ‏وهناك تطورات مقلقة سلبية على الساحة الإيرانية، حيث يتم تخصيب المزيد والمزيد من اليورانيوم إلى مستوى 60٪، ما جعلها ‏قريبة جدًا من درجة المادة المطلوبة للقنبلة، إضافة إلى أن التحالف التكنولوجي العسكري بين إيران وروسيا يزداد قوة وأكثر إحكامًا".‏

 

 

وأوضح أن "المستوى الإضافي من التدهور الأمني يتمثل في التوترات بين تل أبيب وواشنطن وأوروبا، وهو تطور ‏سلبي آخر بسبب قرار مجلس الوزراء السياسي الأمني بشرعنة تسعة مواقع استيطانية في الضفة الغربية، والبدء بتنفيذ خطط ‏البناء لعشرة آلاف وحدة استيطانية في المنطقة ج، بجانب التشريعات القانونية من قبل الحكومة بوتيرة سريعة، ودون التشاور ‏مع المعارضة، ما سيضر باستقلال القضاء، ولا يتماشى مع روح الإدارة في واشنطن وأوروبا". ‏

 

وذكر أنه "بمجرد تشكيل الحكومة وصل رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ومستشار بايدن للأمن القومي ‏جيك سوليفان ووزير الخارجية أنطوني بلينكين لإسرائيل، واحدًا تلو الآخر، وعرض الأخير على نتنياهو صفقة مفادها أن يعمل ‏على تهدئة الساحة الفلسطينية، والتأكد من أن حكومته لا تنفذ إجراءات أحادية الجانب في المناطق الفلسطينية تحبط حل الدولتين، ‏والمحافظة على إسرائيل دولة ليبرالية تتشابه قيمها مع قيم الولايات المتحدة، مقابل الحصول على تعاون وثيق ومساعدة في ‏التعامل مع إيران، ومساعدة أمريكية لتعزيز التطبيع مع السعودية، واستمرار الدعم السياسي في المنظمات الدولية، خاصة الأمم ‏المتحدة".‏

 

وكشف أن "بلينكين أرفق صفقته هذه بإيماءة عسكرية من خلال تمرين رئيسي تشاركه إسرائيل والولايات المتحدة ‏يحاكي لأول مرة هجومًا صريحًا على إيران، لكن قرارات الحكومة الأخيرة تهدد هذا التعاون بشكل أو بآخر، ولذلك ألمح بلينكن إلى ‏أنه منزعج للغاية من القرارات الاستيطانية، ما يجب أن يثير القلق الإسرائيلي، لأن الإدانة الأمريكية لقرارات حكومته تعني أن ‏نتنياهو وحكومته يرفضون الصفقة الأمريكية الذي طُرحت على طاولتهم". ‏

 

وتؤكد هذه المخاوف الإسرائيلية أنه إذا استمرت الحكومة اليمينية في "وضع إصبعها في عين" الإدارة بواشنطن في ‏الملفين الفلسطيني والداخلي، فقد يتجلى ذلك في تباطؤ التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي الذي يحتاجه الاحتلال بشدة، صحيح ‏أن ذلك لن يحدث دفعة واحدة، ولكن ببطء، وتحت السطح، وبأعذار مختلفة، وفي النهاية فإن النتيجة لن تكون في مصلحة ‏الاحتلال.‏

 

ويحاول نتنياهو يحاول كبح جماح شركائه في الائتلاف قدر الإمكان، لكن من الواضح أن الأمريكيين غير معجبين ‏حتى الآن بهذا السلوك، وهو ما يمكن فهمه من الإعلان الذي نشروه، لأنهم يعتقدون أن هذه الحكومة ماضية في تعزيز الضم ‏الزاحف للمنطقة‎ ‎‏ج في الضفة الغربية، وهذا الضم، إذا تم تحقيقه بالكامل، فسيحول دولة الاحتلال إلى دولة أحادية القومية ‏تكون فيها، بعد سنوات قليلة من الآن، أغلبية فلسطينية، ما سيؤثر على أمنها القومي لعقود قادمة، وفق مخاوف الاحتلال.‏