بأقلامهم >بأقلامهم
تحية الى الجزائر وجنوب أفريقيا
جنوبيات
أربعة مواقف مهمة سجّلت في الساعات ال 48 الماضية :
1 – وزير خارجية أميركا أنطوني بلينكن يقول في مؤتمر ميونيخ : " ارتكب أفراد من القوات الروسية عمليات قتل على غرار الإعدام بحق رجال ونساء وأطفال في أوكرانيا وتمّ تعذيب مدنيين أثناءالاحتجاز من خلال الصعق والضرب بالكهرباء ومنهم من تعرّض للاغتصاب . وقام مسؤولون روس آخرون بترحيل الآلاف من المدنيين الأوكرانيين الى روسيا بمن فيهم أطفال فصلوا عن عائلاتهم . يجب محاسبة جميع المسؤولين وسنسعى لتحقيق العدالة لشعب أوكرانيا " .
الناطق باسم الخارجية قال : " إن المساءلة عن العدالة وحقوق الانسان تعد ركيزتين أساسيتين لسياسة الولايات المتحدة ويجب تقديم الجناة للعدالة " .
أليست الممارسات التي يشير اليها بلينكن والناطق باسم وزارته هي نفسها التي ترتكبها اسرائيل منذ قيامها دولة اغتصاب وإرهاب على أرض فلسطين ؟؟ أليس بعضها موضع انتقاد من قبل الإدارة الأميركية الحالية وبلينكن نفسه ، وموضع نقاش مع المسؤولين الإرهابيين الاسرائيليين ؟؟ لكن اسرائيل شيئ آخر ، إذ لم يقل أحد من الأميركيين يجب محاسبة الجناة . يجب تقديمهم الى العدالة . بل على العكس تماماً هذا المعيار لا ينطبق على اسرائيل .
2 – بلينكن نفسه اتصل بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وطلب إليه بوضوح عدم الذهاب الى مجلس الأمن لإدانة اسرائيل على إرهابها المفتوح ضد الشعب الفلسطيني وتدنيسها المقدسات وتحدي وتجاوز كل القرارات الدولية !! هنا اسرائيل . ممنوع الذهاب الى مجلس الأمن لإدانتها . وأبو مازن لم يذهب الى دولة ما كما تفعل أميركا بحمايتها اسرائيل وإدانتها روسيا والتهديد بمحاسبتها من قبلها ومن قبل المؤسسات الدولية. أبو مازن ذهب الى مجلس الأمن أعلى هيئة دولية ، الى الأمم المتحدة المفترض أن تكون حامية الأمن والسلام والاستقرار وحقوق الانسان في العالم ، بالنسبة الى بلينكن وإدارته ودولته عموماً ممنوع الذهاب الى محكمة العدل الدولية ، والمحكمة الجنائية الدولية ، ممنوع العلم الفلسطيني والنشيد الفلسطيني والتاريخ الفلسطيني والقصيدة الفلسطينية ، ممنوع انتقاد اسرائيل . طبعاً لم يقبل أبو مازن هذا الأمر وأصرّ على الضغط على اسرائيل لوقف كل إجراءاتها الآحادية المهددة للعدالة والقانون والاستقرار قبل أن يطلب الى السلطة الفلسطينية العودة الى التنسيق معها .
3 – وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه بلينكن الى أبي مازن كان وزير أمن الإرهاب ايتمار بن غفير يرد على مسؤولين أمنيين وسياسيين اسرائيليين يطالبونه بوقف حملات القمع في القدس وعلى رأسهم رئيس جهاز الأمن العام " الشاباك " الذي قال : " نشاط بن غفير يخلق شعوراً بالعقاب الجماعي وهذا يؤدي الى تأجيج التوترات في القدس وقد يتسبب في تصعيد واسع النطاق في هذا الوقت الحساس " . فردّ بن غفير مهدداً بإقالة هؤلاء المسؤولين من مناصبهم وبالإصرار على خطته مع شركائه في حكومة الإرهاب . فبأي منطق يطلب بلينكن من أبي مازن " عدم التوجه الى مجلس الأمن ، والقيام بأي خطوة ضد اسرائيل ما دام ثمة مسؤولون أمنيون وسياسيون وقانونيون اسرائيليون يحذرون من مخاطر تداعيات سياسات إجراءات حكومة نتانياهن وبن غفير ؟؟
4 – في هذا الوقت كان الاتحاد الأفريقي يعقد قمته السادسة والثلاثين في أديس أبابا حيث تمّ طرد شارون بار نائبة الشؤون الأفريقية في وزارة خارجية دولة الإغتصاب والإرهاب وأخرجت من قاعة القمة بناء لإصرار الجزائر العربية ودولة جنوب أفريقيا الأمر الذي أثار غضب دولة الإحتلال وشنت هجوماً على الدولتين المعنيتين بقرار الطرد الذي وافق عليه أركان القمة . رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قال مؤكداً " قرار الاتحاد والشراكة في الموقف مع الجزائر باعتبار قرار منح اسرائيل صفة مراقب في الاتحاد يتعارض مع موقفه الداعم للفلسطينيين " . مع الإشارة الى أن موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد وقف عام 2021 بصورة انفرادية دون مشاورة الدول الأعضاء على اعتماد اسرائيل بصفة مراقب !!
السيد صلاح حليمه مساعد وزير الخارجية السابق ، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية قال : " قرار منح صفة مراقب لاسرائيل خطأ منذ البداية وطرد المسؤولة الاسرائيلية لا يخالف القواعد الدبلوماسية . عضوية اسرائيل في المنظمة تتناقض وتاريخ المنظمة والقارة " .
هذه دول أفريقية لم تحتل اسرائيل أراضيها تتخذ هذا الموقف الأخلاقي السياسي القانوني المبدئي فلماذا هذه الاندفاعية العربية " الابراهيمية " نحو دولة الاحتلال ودون أي ثمن سوى استغلال نتانياهو لها كما قال للالتفاف على الفلسطينيين ؟
أما جنوب أفريقيا فهي دولة تعرف تماماً مدى العنصرية وسياسات الظلم والقهر والفصل العنصري والتمييز التي مورست عليها على مدى عقود من الزمن وقاد من السجن وخارجه نضالها نحو الحرية نيلسون مانديلا ، والأمر ذاته ينطبق عل الجزائر العربية الأبية المجاهدة ، بلد المليون شهيد ضد الاستعمار الفرنسي الذي عاث فساداً في كل أنحاء البلاد ونهب خيراتها وخرج مهزوماً ، وهي لا تزال على ثوابتها تجاه فلسطين وقضيتها العادلة وحق شعبها في إقامة دولته المستقلة على أرضه وهذا ما كرّسه في كل مواقفه ولاسيما في القمة العربية الأخيرة الرئيس عبد المجيد تبون الذي سجلت بلاده اليوم خطوة جديدة في هذا الاتجاه .
تحية صادقة الى الجزائر وجنوب أفريقيا !!