بأقلامهم >بأقلامهم
"الثروة، والنجاح، والمحبّة"
جنوبيات
يُحكى في خوابي الزمان أنّ امرأة خرجت من منزلها فرأت ثلاثة شيوخ ذوي لحية بيضاء يجلسون في فناء المنزل، فاندهشت قائلة: لا أظنّ أنّي أعرفكم، ولكن لا بدّ أنّكم جائعون، لذا تفضّلوا بالدخول لأحضر لكم طعامًا وشرابًا لعلّكم ترتاحون ممّا أنتم فيه.
ردّ الشيوخ الثلاثة بسؤال: هل ربّ البيت موجود في الداخل؟
أجابت: لا، إنّه في الخارج.
فكان جوابهم: إذًا، لا يمكننا الدخول.
وفي المساء، عندما عاد زوجها أخبرته بما حصل. فقال لها: اذهبي إليهم واطلبي منهم أن يدخلوا.
خرجت المرأة وطلبت منهم الدخول. فردّوا: نحن لا ندخل البيت مجتمعين.
سألتهم: ولماذا؟
فأوضح لها أحدهم قائلًا: هذا اسمه (الثروة) وأشار إلى أحدهم، وذاك اسمه (النجاح) وأشار إلى الآخر، وأنا اسمي (المحبّة) دالًّا على نفسه. وأكمل بالقول: والآن ادخلي وتناقشي مع زوجك من منّا تريدان أن يدخل المنزل.
دخلت المرأة وأخبرت زوجها بما حصل. فغمرته السعادة وقال: يا لها من مفاجأة سارّة، وما دام الأمر كذلك فلندعُ (الثروة) كي يدخل فيملأ منزلنا بالثراء.
فخالفته الزوجة قائلة: لم لا ندعو (النجاح)؟
وكلّ ذلك كان على مسمع زوجة ابنهما التي اقترحت عليهما قائلة: أليس من الأجدر أن ندعو (المحبّة)؟ عندها سيمتلئ منزلنا بالحبّ ويشعّ بالمودّة.
فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا. وطلب من زوجته الخروج ودعوة (المحبّة) ليحلّ ضيفًا مرحّبًا به.
خرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيّكم (المحبّة)؟ فليتفضّل بالدخول ليكون ضيفنا.
نهض (المحبّة) ومشى نحو المنزل، فنهض الاثنان الآخران وتبعاه.
والمرأة "مندهشةً" سألت كلًّا من (الثروة) و(النجاح) قائلةً: لقد دعوت (المحبّة)، فلماذا تدخلان معه؟
فردّ الشيخان: "لو كنتِ دعوت (الثروة) أو (النجاح) لظلّ الاثنان الباقيان خارجًا. أمّا وقد دعوت (المحبّة) فأينما يذهب نذهب معه.
"فأينما توجد المحبّة، يوجد الثراء والنجاح".
آه كم ينقص لبناننا الحزين المحبّة بين أبنائه، فهي لو وُجدت لعمّ الرخاء والنجاح على كلّ الصعد والمستويات.
أمّا وأنّ المحبّة غائبة فكلّ شيء حسن وخيّر سيبقى غائبًا عن وطننا الغالي. "فالمحبّة لا تعطي إلّا ذاتها، ولا تأخذ إلّا من ذاتها".
فأحبّوا بعضكم بعضًا، تنعموا بالخير الوافر.