بأقلامهم >بأقلامهم
"الفقير السّاغب.. وسرقة الرغيف"
جنوبيات
يُحكى أنّه في زمن القهر والخذلان، والأيّام المرّة متلبّدة الألوان، قام رجل عجوز بسرقة رغيف خبز ليسدّ به جوعه. تمّ توقيف السّارق واقتيد إلى قاضي المدينة الذي سأله عن فعلته. فأجاب العجوز: أعترف بفعلتي ولا أنكر ذلك على الإطلاق، لكنّي قمت بذلك نتيجة السّغب والاعياء ( الجّوع الشّديد) الّذي كنت أعانيه. كدت أن أموت!
فردّ القاضي قائلًا:
أنت تعرف أنّك سارق، وسأحكم عليك بدفع عشرة دراهم، وأعرف أنّك لا تملكها لأنّك سرقت "رغيف خبز"، لذلك سأدفعها عنك.
في تلك اللحظة صمت جميع من هم في مجلس القاضي، حيث شاهدوه يخرج عشرة دراهم من جيبه ويطلب أن تودع في الخزينة كبدل الحكم عن هذا العجوز.
ثمّ وقف القاضي ونظر إلى جمع الحاضرين قائلًا:
"محكوم عليكم جميعًا بدفع عشرة دراهم لأنّكم تعيشون في مدينة يُضطرّ فيها الفقير إلى سرقة رغيف خبز".
في تلك الجلسة تمّ جمع مبلغ من المال غير قليل منحه القاضي للرجل العجوز.
أين نحن من مثل هذا القاضي في هذه الأيّام الصعبة التي نمرّ بها جميعًا، بحيث نعيش تحت وطأة الفقر الشديد والعوز المستشري في جموع الشّعب اللبنانيّ المسكين.
بينما الحكّام يعيشون في بذخ، ولا يرفّ لهم جفن رفقًا بشعوبهم المنهارة.
وأذكر هنا مقولة أحد الصالحين: "إذا رأيت فقيرًا في بلد تتجاذبه رياح القهر، فاعلم أنّ هناك غنيًّا سرق ماله".