مقالات هيثم زعيتر >مقالات هيثم زعيتر
حكومة الاحتلال أمام زلزال التظاهرات الداخلية والبركان الفلسطيني!
جنوبيات
يتوقّع الخبراء الجيولوجيون حدوث زلزال كبير في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، مصدر نشاطه صدع البحر الميت أو صدع الكرمل، من دون التنبؤ بموعد ومكان حدوثه، بعدما كان قد حدث آخر زلزال كبير في العام 1927.
لكن بوادر الزلزال السياسي القريب، داخل الكيان الإسرائيلي، بدأ نشاطه بالتصاعد مع ارتفاع حدّة التظاهرات للأسبوع العاشر على التوالي، ضد سياسة حكومة بنيامين نتنياهو، بالانقلاب على القضاء، من خلال إجراء تعديلات جذرية على الأنظمة القانونية والقضائية بشكل كامل، عبر تقليص صلاحياته لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية.
يتم ذلك بالسيطرة على "المحكمة العليا" للمُراجعة القضائية، وإضعاف سلطة المُستشارين القضائيين، بما يُتيح للحكومة أغلبية تلقائية في لجنة اختيار القضاة، ما يُعتبر استهتاراً بالديموقراطية وتقويضاً لمضمون القضاء.
هذا في وقت يتواصل التحرّك الفلسطيني، ولقاءات رئيس دولة فلسطين محمود عباس على أكثر من صعيد، وكان آخرها استقباله المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تشاي جيون والوفد المُرافق في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية، خاصة أنّ الصين ستُصبح رئيساً لمجلس الأمن الدولي خلال شهر أيار/مايو المُقبل، وهي داعمٌ رئيسي للقضية الفلسطينية.
تزامناً مع ارتكاب قوّات الاحتلال، جيشاً ومُستوطنين، مزيداً من المجازر والاعتداءات والاستيطان، وذلك كله لن يردع الشعب الفلسطيني عن الاستمرار في نضاله، مُتمسّكاً بأرضه لتحريرها من المُحتل وإقامة الدولة المُستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
أيضاً، في ظل الرد الفلسطيني على العدوان، بالمُواجهات والعمليات الفدائية، التي ثبت فيها فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، لمعرفة مكان حدوثها أو المُنفِّذ، الذي يُحدِّد ويُخطِّط، ويقوم بذلك بما تيسر له من وسائل.
هذا في وقت تستمر حكومة الاحتلال بالقيام بمزيد من المُمارسات:
- خاصة ما يقوم به وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في التضييق على الأسرى الفلسطينيين، الذين اقتربوا من إتمام الشهر الأول من العصيان المفتوح، وهم على طريق التصعيد مع بداية شهر رمضان المُبارك، بالإضراب المفتوح عن الطعام تحت عنوان "بركان الحرية أو الشهادة" لتحقيق مطالبهم بوقف الإجراءات التعسّفية والقمعية التي تُنفّذها مصلحة سجون الاحتلال بتعليمات بن غفير.
ومع الأنباء التي تتوقّع احتمالات التصعيد خلال الشهر الفضيل، خاصة أنّ بن غفير مُصرٌّ على هدم المنازل في القدس خلاله، حيث يُحيي الفلسطينيون الصلاة والاعتكاف في المساجد، وفي طليعتهم المسجد الأقصى المُبارك، والخشية من تصاعد المُواجهات، كما جرى خلال العام الماضي، في معركة "سيف القدس" في مُواجهة "حارس الأسوار" الإسرائيلي.
- مُواصلة سلطات الاحتلال قرصنة أموال المقاصة التي تجبيها كضرائب لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية.
- قانون سحب الجنسية من الأسرى الفلسطينيين في الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، وطردهم منها وقانون إعدام الأسرى.
- تشجيع بن غفير ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، المُستوطنين في عدوانهم، ودعوة الأخير إلى محو بلدة حوارة في مُحافظة نابلس، التي أقدم المُستوطنون على حرق منازل وسيارات وتدمير مُمتلكات فيها.
- تأمين بن غفير الحماية للمُستوطنين، واعتبار أنّ مَنْ يتصدّى لهم يجب أنْ يُعاقب.
- تعزيز الاستيطان، رغم أنّ نتنياهو التزم للإدارة الأميركية بوقفه، لكن من وجهة نظره، يعني ذلك عدم شرعنة بؤر استيطانية عشوائية، غير البؤر الاستيطانية الـ9 التي صادق عليها "الكابينيت"، وأنْ يكون هذا التوقّف خلال الأشهر الثلاثة المُقبلة.
كما قرّر نتنياهو تأجيل شرعنة بؤرة "أفيتار" الاستيطانية في جبل صبيح في الضفة الغربية المُحتلة، وتأجيل النظر بإخلاء قرية الخان الأحمر - القدس حتى نهاية شهر رمضان المُبارك، بعدما كانت "المحكمة العليا" الإسرائيلية، قد طالبت الحكومة برد قرار إخلاء القرية، التي تضم حوالى 200 عائلة كانت قد نزحت من صحراء النقب لتسكن بادية القدس مُنذ العام 1953.
في غضون ذلك، تلقّى بن غفير صفعة من المُستشارة القضائية لحكومة الاحتلال غالي بهاراف ميارا، التي جمّدت إجراءات عزل قائد الشرطة في تل أبيب عميحاي أشاد، الذي اتخذه بن غفير مع المُفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي، كعقاب لقائد شرطة تل أبيب، بذريعة أنّه تساهل مع المُتظاهرين ولم يستخدم القوّة اللازمة لمُواجهة العنف، وإخفاقه بالتعامل مع تظاهرات المُعارضة الرافضة للتعديلات القضائية، التي جرى بعضها أمام "مطار بن غوريون" الخميس الماضي.
وشنَّ بن غفير هجوماً عنيفاً على المُستشارة القضائية، واصفاً إياها بـ"اليسارية والمُنحازة، وغير الموضوعية وتعمل نيابة عن الحكومة السابقة، ولديها أجندة سياسية واضحة"، مُعتبراً أنّ "هذا القرار يُعبّر عن مدى أهمية إجراء التعديلات القانونية".
هذا الواقع جعل نتنياهو يتخفّى ويتنكّر في تنقّلاته في طريقه إلى المطار قبل توجّهه إلى روما.
لقد بات واضحاً أنّ الكيان الإسرائيلي يعيش مأزقاً حقيقياً في ظل الانقسام الكبير واتساع التظاهرات والاعتراضات ضد حكومة نتنياهو، التي اتخذت قرارات بالغة الخطورة خلال 75 يوماً من توليها الحكم، بما يتلاءم مع مصالح مُكوّناتها التي تتوزّع بين مُتهمين بالفساد والرشاوى والاحتيال والإرهاب، ما يُنذر باحتمالات كبيرة لتصعيد المُواجهة، من دون إغفال الذهاب إلى حرب أهلية داخلية.
كل الروايات والنبوءات، التي رواها الكبار وحفظها عنهم الصغار، وما تُؤكده الوقائع والمُعطيات، يُشير إلى حتمية زوال كيان الاحتلال، الذي بلغ 75 عاماً من عمره، ولهذا فإنّ خشية الإسرائيليين من ذلك تجعلهم يتمسّكون بجنسية أخرى.
أخبار ذات صلة
هيثم زعيتر: رغبة أميركية وليونة لبنانية لتحقيق وقف إطلاق النار.. بانتظار ال...
هيثم زعيتر: تذليل العقبات لوقف إطلاق النار لبنانياً.. بانتظار رد الجانب الإ...
منير الربيع لـ"تلفزيون فلسطين": الرئيس بري مُتفائل بوقف إطلاق النار.. لكن ا...
هيثم زعيتر يستضيف منير الربيع، حول "العدوان الإسرائيلي المُتواصل على فلسطين...
السعودية تقود حراكاً عربياً وإسلامياً داعم للقضية الفلسطينية وتجميد عضوية "...