عام >عام
اسرائيل رفعت حال الاستنفار على الحدود مع لبنان
اسرائيل رفعت حال الاستنفار على الحدود مع لبنان ‎الأحد 4 12 2016 10:27
اسرائيل رفعت حال الاستنفار على الحدود مع لبنان


فجأة تقدم الخبر الامني على السياسي، في ضوء البعد الذي اكتسبه الخرق الاسرائيلي للسيادة اللبنانية والذي تجاوز الانتهاكات اليومية الجوية الروتينية للقرار 1701، بإغارته من المجال الجوي اللبناني على سوريا على دفعتين، استهدفت الاولى مخزنا للذخيرة، والثانية موكباً على اوتوستراد بيروت - دمشق، انطلق من مطار العاصمة، فيما كانت مدينة بعلبك تشهد غارات وهمية، وتحليق كثيف وصل الى العاصمة.
تل ابيب التي رفعت حالة التاهب في صفوف قواتها على الحدود مع سوريا ولبنان، وفي قواعدها الجوية، تحسبا لرد سوري، علما ان الاجواء التي بثها كل من رئيس الوزراء ووزير دفاعه تنذر بالتصعيد. فإسرائيل لا تبدي تردداً حينما يتعلق الأمر بأي تهديد يمسها، فيما يبدو ان موسكو لا تمانع عدم المس بالخطوط الحمر الاسرائيلية ما دامت لا تمس بالمصالح السياسية والأمنية الروسية، ومن اجل ذلك قام اتفاق التنسيق الجوي والامني في سوريا بين الطرفين لرعاية تلك العملية، في الوقت نفسه الذي تحتقظ فيه بتأدية دور الردع لكلا الطرفين السوري واسرائيل لعدم الانجرار نحو حرب واسعة وانفلات الامور من تحت السيطرة، فيما تحاول تل ابيب التأكيد على ان امنها القومي يجب ان يحفظ في طل التغييرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، وان موقفها لم يتغير من دمشق وحزب الله حتى في حال انتصارهما على داعش .
ورغم ان ثمة في تل ابيب على المستويين العسكري والسياسي من يرى في الغارة اختبارا عمليا واضحا للتفاهمات التي تحققت بين اسرائيل وروسيا، بعد دخول منظومتي اس 400 في حميميم واس 300 مسرح الصراع، ونشر سربين من الطائرات في منطقة اللاذقية ـ طرطوس وتكثيفه لمنظومة الرادارات في عموم سوريا، ما قلص من عدد الطلعات الجوية الاسرائيلية فوق لبنان وسوريا، واحترام الاولى لقواعد اللعبة المتفق عليها مع الكرملين، فان اسرائيل لن تتأخر في التدخل في حال المساس بالخطوط الحمر، «لا للسلاح الكيميائي في يد الجيش السوري أو حزب الله، لا للمس بالسيادة الاسرائيلية، ولا لتهريب عتاد هو من ناحيتها محظور الى لبنان». امور تعترف روسيا بحق إسرائيل بها وفي طليعتها منع تسرب سلاح من نوع معين من سوريا الى لبنان.
وفيما وصف البعض هذه الهجمات في هذا الوقت بالذات بالخطوة الاستثنائية، أشار آخرون إلى أن دافع تلك الغارات هو عودة سوريا لإنتاج صواريخ لمصلحة حزب الله، بعدما اعادت القوات النظامية سيطرتهاعلى مصنع إنتاج هذه الصواريخ في السفيرة والذي كان سقط بيد «داعش» سابقا.
يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة «معاريف»، اعتبر إن صمت روسيا عن شن الغارات التي بلغت أهدافا لـحزب الله، يدلل على أن الروس لن يحركوا ساكنا من أجل الحيلولة دون مس إسرائيل بحلفاء النظام السوري وفي طليعتهم الحزب، متوقفا امام «تجاهل» الاعلام اللبناني والسوري لنتائج الغارتين، مشددا على أن إسرائيل هدفت من شن الغارة إلى التأكيد على أن تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا لن يؤثر في تمتعها بهامش حرية مفتوح، والقيام بكل ما تراه مناسبا في سوريا.
اما أمير بوحبوط، المعلق العسكري في موقع «واللا»، فرأى أن الصمت الروسي على ضرب أهداف «حزب الله» يمثل «موافقة ضمنية» روسية على استهداف الحزب في سوريا، على الرغم من دوره في الجهود الهادفة الى ضمان بقاء النظام السوري، معتبرا أن إتاحة موسكو المجال أمام إسرائيل لمواصلة ضرب أهداف حزب الله يدلل على أن هناك حدودا تقيد تحالفها مع إيران، وأنها غير مستعدة لتهديد علاقاتها مع إسرائيل من أجل تأمين بقاء هذا التحالف، لافتا إلى أنه لو توافرت لدى بوتين النية لتغيير أصول اللعبة أمام إسرائيل في سوريا، لسارع الكرملين إلى إصدار بيان حول ذلك، كما فعل عدة مرات بعد تأزم العلاقات الروسية - التركية في أعقاب إسقاط الطائرة الروسي.
في السياق، قال الدكتور شاؤول شاي، رئيس قسم الأبحاث في «مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات»،في صحيفة «يسرائيل هيوم»، إن تل ابيب أوضحت لموسكو مجددا أنها لن تتراجع عن الخطوط الحمر التي تضمن مصالحها في سوريا. فالقصف الاسرائيلي جاء في ظل نقاش الاسرائيليين حول سبل التعاون مع التغيرات المتسارعة في سوريا، ويضع البعض على رأس القضايا الملحة اعادة ترسيم الحدود مع سوريا من جديد باعتبار ان التدخل الروسي فرض تغيير قواعد اللعبة فيها.
اسرائيل على جري عادتها لا تعلق على ضرباتها في سوريا ولكنها اليوم مضطرة الى اعطاء الاجوبة للتساؤلات الروسية الغاضبة، بعدما فسر اتصال بوتين بنتانياهو بالتهديد. اذا الترقب سيد الموقف، فما بينته العملية الاسرائيلية الجديدة ان حزب الله لا يحظى بغطاء جوي روسي؟ ولكن ماذا عن الجيش السوري؟ وهل إن موسكو تتفهّم المتطلّبات العاجلة لتل ابيب؟ وهل هي مستعدّة لغضّ الطرف عن غاراتٍ كهذه، شرط أن تكون محدودة؟ ولماذا امتنعت القوات الروسية عن ابلاغ دمشق وحزب الله بالعملية رغم ان منظوماتها المنتشرة في سوريا قادرة على رصد تحركات الطيران الإسرائيلي في كل بقعة من إسرائيل وتتبع تحركات الطائرات الإسرائيلية حتى قبل إقلاعها؟

المصدر : ميشال نصر | الديار