بأقلامهم >بأقلامهم
فلسطين والعالم وديموقراطية اسرائيل وأميركا
جنوبيات
بعد شرم الشيخ، وفي ظل الحملات التحذيرية الداخلية والدولية ضد مشروع التعديلات القضائية الذي يصرّ عليه نتنياهو وعصابته الحاكمة لإحكام السيطرة على المحكمة العليا والحد من سلطة القضاء، مرّر الكنيست الاسرائيلي قانونين: الأول يلغي مواد فـي "قانون فك الارتباط" يسمح للسكان اليهود بالعودة الى مستوطنات في الضفة بعد إجلائهم منها عام 2005.
والثاني يحصّن نتانياهو من العزل والمحاكمة بتهم الفساد وخيانة الأمانة.
حول القانون الأول قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يولي ادلشتاين: "إنها الخطوة الأولى المهمة لإصلاح حقيقي وإقامة اسرائيل على أراضي الوطن الخاص بها". وكأنه يقول: الإصلاح يتم بالسيطرة على كل فلسطين خطوة خطوة إنسجاماً مع خريطة سموتريتش التي تضم فلسطين والأردن الى أرض اسرائيل دولة الإغتصاب والإرهاب ومع موقفه الذي اعتبر فيه "لا شيئ إسمه الشعب الفلسطيني إنه شعب مخترع"!!
الاتحاد الأوروبي اعتبر القرار "غير بنّاء. المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة أمام السلام وتهدّد جدوى حل الدولتين".
نتنياهو دعا الى مقاطعته !!
المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند دعا الى "الوقف الفوري لكل النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية". "
ووجوب احترام الوضع الراهن في الأماكن المقدسة بالقدس". "والامتناع عن القيام بخطوات آحادية تصعّد التوترات".
وأضاف: "أشعر بقلق عميق إزاء زيادة مستويات العنف المرتبط ب المستوطنين في الضفة الغربية، كما أشعر بالرعب بشكل خاص من التسلسل الوحشي للأحداث في بلدة حوّارة. لذلك أحث اسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال على التقيّد بالتزامــاتها لحماية السكان الفلسطينيين من جميع أعمال العنف".
منظمة العفو الدولية أعلنت: "ينبغي على السلطات الاسرائيلية أن تلغي فوراً كافة أوامر الإجلاء الموجهة لهدم بيوت الفلسطينيين في اسرائيل وفي الأراضي المحتلة وأن تنهي سياساتها التمييزية المتسبّبة بتهجير الفلسطينيين القسري وأن ترفع حصارها المفروض على قطاع غزة".
مجلس النواب الأردني صوّت على قرار يدعو الى طرد السفير الاسرائيلي من عمان رداً على خريطة الإرهابي سموتريتش وعدم اعتذار نتانياهو أو إعلان موقف منها !!
موجة عالمية من الشرق والغرب مندّدة "بأساليب مختلفة بخريطة سموتريتش وتعديل قانون الفصل في الكنيست وتوسيع المستوطنات".
الصين أصدرت بياناً جاء فيه: "ندين إظهار مسؤول اسرائيلي لخريطة تتضمن أراضي فلسطين والأردن ونعتقد أن الأقوال والأفعال الخاطئة للمسؤولين الاسرائيليين غير مسؤولة وستؤدي الى تفاقم التوتر.
نحث الأطراف المعنية وخاصة اسرائيل على توخي الحذر واتخاذ خطوات أكثر فائدة لتخفيف حدة التوتر ومنع خروج الوضع عن السيطرة" !!
- الخارجية الأميركية انتقدت القانون الأول: "نشعر بقلق بالغ لإصدار تشريعات تلغي أجزاء مهمة من قانون فك الارتباط بما في ذلك حظر إقامة مستوطنات في شمال الضفة والمثير للقلق ان هذا التشريع تمّ تمريره بأكثرية 31 صوتاً فقط من مجلس يضم 120 عضواً !! "هذه هي الديموقراطية الاسرائيلية".
ولم تنتقد قانون حماية نتنياهو بعدم عزله ومحاكمته بتهم الفساد وخيانة الأمانة (هذه هي الديموقراطية الأميركية) بل حاولت الإيحاء بجديتها تجاه اسرائيل باستدعاء سفيرها في واشنطن "وتوبيخه "مما دفع نتنياهو الى إصدار بيان رفع عتب لامتصاص النقمة فقط لكنه أكد فيه الأسباب الموجبة لموقف حلفائه عندما قال: "قرار الكنيست بالغاء أجزاء من قانون فك الارتباط يضع حداً لقانون تمييزي ومهين منع اليهود من العيش في مناطق في شمال الضفة التي تعدّ جزءاً من وطننا التاريخي"!!
واضح ومؤكد بالقول وبالفعل الموقف الاسرائيلي المصرّ على التوسّع والاستيطان وتهجير الفلسطينيين لأن "الأرض ليست لهم وهم شعب مخترع"، ويحاول نتنياهو كسب الوقت لحماية نفسه وهذا ما فعله في القانون الثاني الذي مرّره الكنيست، وتهدئة الخلاف مع الأميركيين بالاحتيال والمناورة والكذب واستيعاب الحركة الداخلية وهي الى تصاعد.
هذه هي اسرائيل ولن تتغيّر إلا الى الأسوأ، والرهان هو على الشعب الفلسطيني بكل قواه وهو لن يقبل ما يجري، وعلى المسؤولية العربية في التعاطي مع خريطة طريق الإرهابيين المبنية على خريطة ضم كل فلسطين والأردن الى اسرائيل المرفوضة دولياً وهذا بحد ذاته أمر مهم ينبغي الاستفادة منه سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً وعملاً ميدانياً مباشراً في الداخل في مواجهة الاحتلال.
اسرائيل باعتراف كثيرين من أبنائها الذين يتظاهرون في الشوارع دولة تحمي الفساد وخيانة الأمانة والإرهاب والعنصرية، بقوانين تصدر من الكنيست، ويحذّر رئيسها من حرب أهلية فيها تؤدي الى تمزّقها وتفككها أليس هذا كافياً لينظر العالم كله نظرة عدالة تجاه الشعب الفلسطيني والقيم الانسانية وتمتنع أميركا عن تسخير المؤسسات الدولية المعنية بهذا الشأن لمصالحها الخاصة وتنحرف عن "قيمها" المعلنة على الأقل؟
إن ما يجري اليوم يشكل مادة أساسية في مواجهة المشروع الإرهابي التوسعي الاسرائيلي والاستفادة من رود الفعل الدولية الرسمية والشعبية التي تؤكد يومياً أن القضية الفلسطينية لا تزال حيّة، نابضة، وعنصراً مهماً من عناصر الاستقرار والأمن في العالم وتكريس قيم العدالة والديموقراطية والإنسان والأخلاق في مجتمعاته.