بأقلامهم >بأقلامهم
"بيع الأقلام.. والثقة بالنفس"
جنوبيات
يُروى في أحد البلدان، في إحدى زوايا مترو الأنفاق المهجورة، أنّه كان هناك صبيّ هزيل الجسم، شارد الذهن، وعلامات القهر بادية على محيّاه، يبيع بعض أقلام الرصاص، ويشحذ من المارّة "إن لم تعجبهم الأقلام".
وذات يوم مرَّ أحد رجال الأعمال بجانب الصبيّ الفقير ووضع دولارًا في كيسه، ثمّ استقلّ المترو في عجلة من أمره. وبعد لحظة من التفكير، خرج الرجل من المترو مرّة أخرى واتّجه نحو الصبيّ المسكين وتناول بعض أقلام الرصاص، وأوضح له بلهجة يغلب عليها الاعتذار قائلًا: لقد نسيت التقاط الأقلام التي أردت شراءها.
وأضاف موجّهًا كلامه للصبيّ الحزين: "إنّك رجل أعمال مثلي ولديك بضاعة تبيعها وأسعارها مناسبة للغاية". ثمّ استقلّ القطار التالي.
بعد مضيّ عدّة سنوات على هذه الواقعة وفي إحدى المناسبات
الاجتماعيّة تقدّم شابّ أنيق نحو رجل الأعمال وقدّم له نفسه قائلًا: "إنّك لا تذكرني على الأرجح، وأنا لا أعرف حتّى اسمك، ولكنّي لن أنساك ما حييت. إنّك أنت الرجل الذي أعاد إليّ احترامي وتقديري لنفسي. فقد كنت أظنّ أنّني (شحّاذ) أبيع أقلام الرصاص إلى أن جئت أنت وأخبرتني أنّني (رجل أعمال). فعادث ثقتي بنفسي، واجتهدت حتّى أصبحت كما ترى رجل أعمال، وأملك شركة كبيرة لتصنيع القرطاسيّة على أنواعها".
يقول أحد الحكماء: "إنّ كثيرًا من الناس وصلوا إلى أبعد ممّا ظنّوا أنفسهم، وأصبحوا قادرين على فعل المستحيل، فقط لأنّ شخصًا آخر أخبرهم أنّهم قادرون على ذلك".
فالكلمة الطيّبة صدقة، والابتسامة صدقة، وروح الجمال هي جمال الروح.