بأقلامهم >بأقلامهم
"حرس قومي" والهدف الفلسطينيون
"حرس قومي" والهدف الفلسطينيون ‎السبت 1 04 2023 21:18 غازي العريضي
"حرس قومي" والهدف الفلسطينيون

جنوبيات

بعد أيام "الشلل القومي" في دولة الإغتصاب والإرهاب اسرائيل، والمظاهرات الحاشدة والصدامات مع الشرطة، واستقالات سفراء ومسؤولين، وتراجع في الأسواق المالية ، وامتناع طيارين وضباط كبار عن المشاركة في عمليات حربية، وإقالة وزير "الدفاع"  وتحذيرات دولية من خطورة ما يجري على أمن "الدولة" وجيشها ، وتهريب عائلة الإرهابي نتانياهو من منزلها الى مقر أحد الأجهزة الأمنية، وإعلان رؤساء مجالس محلية إضراباً عن الطعام أمام مقر رئيس الحكومة ، وتعليقات مثيرة مثل قول الناطق باسم جيش الإرهاب: "أحلك أمسية في تاريخ اسرائيل"، وموقف المعارضة: "اسرائيل دخلت في أزمة لا مثيل لها. الأمن تضرّر بشدة. الاقتصاد بدأ بالانهيار. الشعب الاسرائيلي ممزق"، وأمام الضغوطات الإعلامية الأميركية الرسمية وتهديد الرئيس بايدن بعدم إشراك اسرائيل في قمة الديموقراطية ، وإعلانه: "لا نية لدينا لدعوة نتانياهو الى واشنطن الآن". وردّ نتانياهو: "اسرائيل دولة مستقلة لا تأخذ قراراتها تحت الضغط" ، وموقف المنظمات اليهودية في أميركا والعالم عموماً . بن غفير رفض وقال: "لا لوقف التعديلات والخضوع . لا للفوضى. ان اسرائيل دولة مستقلة وليست نجمة أخرى في علم أميركا"!!
أما سموتريتش الذي وصف نتانياهو قبل تشكيل الحكومة بأنه "كذاب ابن كذاب" فقد أعلن تمسّكه بالبرنامج الذي جمعه برئيس الحكومة محملاً الأخير مسؤولية أي تراجع عنه. نتنياهو الاختصاصي في المناورة والكذب والاحتيال وكسب الوقت طلب الى وزرائه عدم الردّ على المواقف الأميركية  وأعلن تأجيل إقرار التعديلات القانونية. لماذا؟؟ هل اقتنع بخطورة ما يقوم به؟؟ هل رضخ فعلاً "للديموقراطية" التي عبّر عنها الناس في الشارع؟؟ هل عاد الى لغة العقل ؟؟ هل قبل فعلاً دعوة رئيس دولة الإرهاب هرتسوغ الى الحوار مع المعارضة ودعوة بايدن "لحل وسط يأخذ بعين الاعتبار التوازنات القائمة"؟؟ بالتأكيد. لا. نتنياهو هو نتنياهو. لا يتغيّر ولو كلّف الأمر ما يمكن أن يكلفه. إنها عملية التفاف داخلية ، لتخفيف الاحتقان، وحدة الخلافات مع الحكومات في الخارج، وعدم تعميق الأزمة مع أميركا التي ورغم تحذيرات إدارتها أطلق مسؤولون في البيت الأبيض والخارجية والأمن القومي سلسلة مواقف تؤكد الحرص على اسرائيل وأمنها واستقرارها ، وتتحدث عن العلاقة الطيبة التي تجمع بين نتانياهو والرئيس بايدن، الذي عاد وأشرك الأول في قمة الديموقراطية. لا نتانياهو يتغير ولا إدارة بايدن الذي يعتبر نفسه الأكثر صهيونية في تاريخ الرؤساء الأميركيين ستتغيّر. في الداخل استراحة محارب وسيعود نتانياهو الى مشروعه . والمستوطنون عادوا الى اعتداءاتهم في حوّارة ، والى تدنيس أرض المسجد الأقصى، ويهدّدون بخطوات تصعيدية أكثر وأكبر وبدعم من بن غفير، فماذا حقق نتانياهو وعصابته؟؟
- لم يعلّق كثيرون على قانون صـــوّت عليه الكنيست يحمي نتانياهو من محـــاكمته بتهم "خيانة الأمانة" "والفساد" و"الاحتيال". وهذا أمر مهم بالنسبة إليه لأنه يضمن استمراره في الكنيست وفي رئاسة الحكومة. هذا مكسب استثنائي على "ظهر" الحملات التي قادها لإقرار التعديلات القانونية التي لا يزال يتمسّك بها.
- أعطى بن غفير "الحرس القومي" في الدولة اليهودية القومي، غير آبه بـ"ايام الشلل القومي" ولذلك علّق مسؤولون وإعلاميون اسرائيليون على الوضع الحالي: "إنه استراحة المحارب". الحرس القومي سيتكون من آلاف من العناصر وله صلاحيات وسيكون بقيادة بن غفير. بمعنى إذا انكفأت أجهزة أخرى عن تلبية ما يطلب اليها من مهام فإن "الحرس القومي" هو أداة الإرهابيين لمواجهة الفلسطينيين وتحقيق ما يتطلعون إليه. وليس صحيحاً أن دوره سيكون محصوراً في الأمن الداخلي لمواجهة آلاف المتظاهرين المناوئين للحكومة ولضبط الأمن . مشروع بن غفير مستمر. إقتلاع الفلسطينيين . التوسّع واستهداف الأقصى . وهكذا يكون نتانياهو أخذ ما يريد شخصياً . لم يلغ مشروع التعديلات . حمى الحكومة واستمراريتها وأمّن لها "الأذرعة الموالية" لممارسة إرهابه ضد الفلسطينيين. ولا يأبه لخضوعه ل بن غفير الذي قالت عنه صحيفة هآرتس: "قرار التأجيل انتصار للمتظاهرين وبن غفير حطّم نتانياهو وداس عليه"!! وهذا يعني ان نتانياهو الذي "تجاوز القطوع" الآن، سيدخل في اندفاعة جديدة يقودها الثنائي بن غفير وسموتريتش ضد الفلسطينيين. وكل واحد منهما يحضّر نفسه للقيادة في المرحلة المستقبلية . وفي الوقت ذاته سيحاول نتانياهو استعادة المبادرة لحشد القوى ضد إيران ومشروعها النووي.
الفلسطينيون لم يشاركوا في الاحتجاجات على التعديلات القانونية. يوم كانت الحرب على غزة نفذوا أيام شلل في وجه كيان الإغتصاب والإرهاب . اليوم كل ما جرى وكما ذكرنا سابقاً لم يأت على ذكر حقوقهم . ومع الاندفاعة الثلاثية نتنياهو بن غفير سموتريتش يقف الفلسطينيون أمام تحد جديد ومسؤولية جديدة كبيرة وتتجدّد الدعوة الى الوحدة الوطنية والاستفادة من الواقع الداخلي الاسرائيلي والتمسّك بالحقوق والأرض والمقدسات ، وعدم دخول أي طرف أو شخص في السلطة أو خارجها في رهانات لا جدوى منها على الموقف الأميركي أو غيره . لا مجال إلا للوحدة والمقاومة بكل أشكالها.  كل فلسطين مستهدفة أكثر من اي وقت مضى .

المصدر : جنوبيات