بأقلامهم >بأقلامهم
"خاص جنوبيات".. الضّائقة الاقتصادية بين المحنة والمنحة: مبادرات منزليّة للصُّمود!
السبت 8 04 2023 12:47
زياد العسل
جنوبيات
تُعتبرُ هذه الأزمة التي تعصفُ بلبنان اليوم، من أشدّ الأزمات في العصر الحديث، حيثُ إنَّ الطّبقة الوسطى تلاشت جرّاء الانهيار الذي عصفَ بسعر صرف العملة الوطنيّة، وفقدان العملة الصّعبة الذي ساهم في التّضخم، وفقدان العملة الوطنيّة لقوّتها الشّرائية.
هذا الواقعُ المُستجدّ، دفعَ اللُّبنانيين لابتكار الأساليب والبِدع للانتصار على الازمة، وكي لا يقعوا فريسة العوز والحاجة، وقد قدّرَ البنك الدّولي أنَّ شخصًا من كلّ 5 فقد وظيفته منذ العام 2019, وأن أكثر من 60بالمئة من الشّركات في لبنان قلّصت موظّفيها، وبناءً على ذلك بدأ اللبنانييون يبتكرون الطرق للانتاج، فمهنة النّول والدولاب نشطت من جديد، وهي نوع من الحياكة من أعتق المهن، والدولاب هو محور هذه المهنة، وهو عبارة عن قطعة خشبيّة، يتمُّ التَّحكم بها بمسكةٍ تلف الخيطان، ويكبُّ الخيط بعد اللّف،ليتمّ وضعه على "ماسورة" قصب، وفق ما تروي سُميّة من بلدة الكفير الجنوبية، حيثُ تقول أن هذه الحرفة تتطلبُ الوقتَ والجهد، وما دفعها لذلك هو انّ العملَ من المنزل، مُحاولةً "مسايرة" الزّبائن قدر المستطاع، ولكنّ البيع على" fresh dollar", كون التجهيزات كلها يتمُّ شراءها على العملة الصّعبة.
بعد أن فقد زوجها وظيفتها بدأت السّيدة نوال بالعودة لمهنتها المحببة أي التّطريز، إذا تؤكد لجنوبيات أنها تقوم بالعمل على القماش باستخدام الابرة والخيط، مع استعمال اشرطة معدنية والخزر والبراق، وهذا يحتاج للصَّبر والصُّمود في العمل، ورغم محدودية الرّبح الا أن ثمة زبائن يشترون منها بشكل أُسبوعيٍّ، وهي تراعي الزّبائن من خلال التقسيط على دفعات أو التخفيف قد المستطاع، حيث الهدفُ المركزيُّ هو مواجهة هذه الأزمة، بأقلّ الأضرار الممكنة.
مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، والذين أصابتهم الفاقة والعوز والفقر بكل معانيه القاسية، ثمّةَ بصيصَ نورٍ يشعُّ من خلال هذه المبادرات،حيث تحملُ في طيّاتها فائدتين، الأولى العودة للزّمن الأصيل، والوقاية من الفقر والعوز الذي دقَّ باب اللُّبنانيين بقوةٍ.