لبنانيات >أخبار لبنانية
لقاء حواري في مركز معروف سعد تحت عنوان :" روسيا في المنطقة : الدور والآفاق"
السبت 30 01 2016 10:11جنوبيات
بدعوة من مركز معروف سعد الثقافي والمركز الثقافي الروسي، بالتعاون مع مكتب العلاقات الدولية في التنظيم الشعبي الناصري، أقيم لقاء حواري سياسي تحدث فيه الدكتور عماد رزق مدير الاستشارية للدراسات تحت عنوان :" روسيا في المنطقة : الدور والآفاق"، وذلك في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا، بحضور أمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد، وأمين سر اللجنة المركزية للتنظيم توفيق عسيران، وممثلو قوى وأحزاب وشخصيات سياسية واجتماعية، وحشد من المهتمين.
بدأ اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، وبكلمة لعضو مكتب العلاقات الدولية في التنظيم المهندس بلال شعبان، جاء فيها:
" في زمن تفشت فيه الأحقاد وتغيرت فيه الاتجاهات، وأصبح العدو صديقاً والصديق عدواً، في زمن أصبحت الوطنية تهمة والعمالة جنحة، وأصبح للطائفيين والمذهبيين مكان في المقدمة، وللعروبيين والوطنيين الحقيقيين لا مكان لهم إلا في الصفوف الخلفية. في زمن أصبحت المقاومة، هذا الشعار النبيل الذي لطالما افتخرت الأمم بالارتباط به في وجه الاحتلال، وجهة نظر للأسف، اليوم لا بد من تصويب البوصلة والبندقية من جديد، والعودة للمبادىء الحقيقية للنهوض بأمتنا، والخروج من هذا الجنون الذي أدخلنا فيه عنوة من قبل مستعمري الخارج والداخل.
لطالما كان الاتحاد السوفياتي في مقدمة الدول التي ناصرت الشعوب المقهورة، وناصرت قضاياه ودعمتها بنضالها في وجه القوى الاستعمارية في الداخل والخارج وعلى جميع الصعد. وحملت روسيا الاتحادية هذا الإرث لإكمال المسيرة التي نأمل أن تلبي احتياجات الشعوب التي تسعى للتحرر من الديكتاتوريات التي تتحكم بمصيرها، والتي جعلت من أحلامها في المستقبل مجرد أوهام. اليوم في خضم هذا الجنون الذي يعصف بمنطقتنا العربية نؤكد أننا بحاجة لالتماس بصيص نور".
ثم كانت مداخلة الدكتور عماد رزق تناول فيها ثلاثة محاور، وهي: الشخصية الروسية، العقيدة الروسية، وعلاقة روسيا مع الأشقاء العرب والمحيط.
بدأ الدكتور رزق بالكلام حول الشخصية الروسية وخصائصها، قائلاً:" إن روسيا هي من أكبر الدول من حيث المساحة الجغرافية في العالم، وفيها موارد طبيعية وغاز ونفط وأكثر الينابيع العذبة موجودة فيها وهي ستكون جزءاً من المعركة القادمة. وعندما نتحدث عن الشخصية الروسية نتحدث عن دولة تحيطها الثلوج في سيبيريا ولا مخارج لها باتجاه المناطق الدافئة التي يمكن لها أن تصدر صناعاتها لها، وتتبادل الثقافة معها إلا منطقة الشرق الأوسط التي تتقاطع جنوباً مع حدودها. هي شخصية حالمة ولديها اكتفاء ذاتي، ولا يوجد فيها شاطىء. هي شخصية لا تبحث عن مصالح بل الصداقة الثابتة ذات الجذور القوية، والتماذج بين الحضارات لقربها من أوروبا وآسيا ما جعل منها شخصية متميزة.
في ما يتعلق بالعقيدة الروسية ، فإن العلاقة عامودية من الشعب وصولاً للقيادة السياسية والعسكرية. نتحدث عن أفق ومستقبل وثوابت. وما نراه في المنطقة هو جزء من العقيدة الاستراتيجية. وعندما نتحدث عن عقيدة نتحدث عن الدروس من الماضي والتهديدات التي طرأت والتغيرات وطبيعة الحروب القادمة، والاستراتيجية العسكرية للدولة نرى أنه لا بد للعقيدة الروسية من أن تتغير نتيجة التغيرات الحاصلة، لأن الأعداء تغيروا والخطط باتت أكبر، والتقنيات تغيرت. لذلك العقيدة الروسية تطورت وأصبحت عملية تقدم ودفاع وصولاً للهجوم. وطرأ تغير في طرق المواجهة أيضاً، والمواجهة كانت عسكرية فقط في الماضي ، بينما اليوم نتحدث عن مواجهة من نوع آخر وأساليب جديدة ومنها الحروب الالكترونية والتلاعب بالمعلومات.
وما أظهرته فضائح "ويكيليكس" دليل كبير على حجم الحرب التي تشن على روسيا من قبل الولايات المتحدة الأميركية والحلف الأطلسي، ومن قبل جمعيات المجتمع المدني المدعومة من usaid والتي تعمل تحت ستار الديمقراطية وتغيير الأنظمة. وكانت هناك مساع لاستفزاز روسيا عبر إسقاط طائرتها في سوريا. إن عقيدة روسيا هي في احترام سيادة الدول وعدم التدخل بشؤون الدول الداخلية. ووجود روسيا في سوريا هو في في إطار حماية سيادة سوريا وبطلب من الحكومة السورية. إن روسيا أطلقت حربها على الإرهاب، وعقيدتها تكمن في حماية حقوق الشعوب الصديقة وسيادة الدول. والمساعي الحثيثة للسيطرة على سوريا والمنطقة يأتي بسبب توسط هذه المنطقة البحار الخمسة، وبالتالي السيطرة على هذا المحور هو سيطرة على قلب العالم والنفط والممرات البحرية والاقتصاد العالمي. إن الضربات العسكرية الهجومية التي تقوم بها الطائرات الروسية في سوريا تأتي دعماً للقوات البرية في سوريا. واليوم نتحدث عن استعادة أكثر من 270 قرية إلى الحكومة في ظل الغطاء الروسي من أيدي الإرهابيين. كما نتحدث عن استعادة أكثر من 1400 كلم مربع من منطقة ريف اللاذقية. وأكثر من 9000 عملية جوية نفذتها الطائرات الروسية. في المقابل تواجه روسيا العقوبات التي تهدف للضغط عليها ولحثها على التخلي عن سوريا. وهنا نؤكد على دور روسيا الثابت ، وسنرى الأسطول البحري الروسي قريباً خلال الأشهر القادمة في المتوسط، وسيكون جاهزاً بأكثر من 14 سفينة إمداد وحاملات طائرات. هذا التواجد سيكون ثابتاً لحماية المنطقة، وروسيا لن تسمح لهذه المنطقة أن تسقط، وستعمل على إعادة إحياء الدور العربي بالتوازن مع الأدوار الأخرى.
لقد تم إضعاف مصر عبر خلق الفوضى، وإلهاء بغداد بأوضاعها الداخلية، وفتح الجبهات في سوريا على مصراعيها ودعم القوى الإرهابية بالمال والسلاح، وغيرها من أشكال الفوضى التي انتشرت في الدول العربية خدمة للمشاريع الأميركية في المنطقة. إن روسيا ستبقى ثابتة مع الموقف العربي، ولن تقبل بإسقاط العالم العربي وتغيير الجغرافيا في العالم. إن روسيا انتقلت إلى مرحلة الهجوم، وهي صامدة وشعبها صامد أيضاً على الرغم من تعرضها للكثير من الضغوط.
من المؤكد أن لروسيا مصالح خاصة، وهي تبحث عن أسواق للتبادل التجاري، وغير ذلك من أنواع التبادل الثقافي والاجتماعي والسياسي. ولكن عقيدتها ثابتة ورؤيتها واضحة في الوقوف إلى جانب أصدقائها. وهي تستطيع الوقوف في مواجهة أعدائها، وكانت قد قامت سابقاً بتجربة صاروخ عابر للقارات لتعكس من خلاله رسالة موجهة للولايات المتحدة الأميركية بأنها تستطيع إعادة التوازن الاستراتيجي العالمي وتهديد عمق الولايات المتحدة.
وخلص الدكتور عماد رزق إلى التأكيد على جهوزية روسيا لصد أي مواجهة قد تتعرض لها.
وختم اللقاء بحوار دار بين الحاضرين والدكتور رزق.