لبنانيات >أخبار لبنانية
المحفظات الرقميّة تجتاح لبنان: اللبنانيون يبحثون عن بدائل للمصارف!
السبت 29 04 2023 21:18جنوبيات
“طارت الأموال”، “ما عندي ثقة”، “كيف أحمل هذا المبلغ؟”… كلّها عبارات سمعناها واختبرناها منذ عام 2019 تعكس انعدام ثقة المواطنين بالمصارف، ناهيك عن عدم رغبتهم بالتعامل مع المنظومة المصرفيّة خوفاً من “سرقتهم” مجدّداً…
المحفظات الرقميّة: بدل عن ضائع؟
بمناسبة “شهر الثقافة الماليّة” المعتمد في نيسان من كل عام، يتعزز الكلام عن وجوب رفع مستوى الوعي العام بأهمية اكتساب معارف لإدارة الأموال بطريقة صحيحة، وهو ما نحتاجه، خصوصاً في لبنان، بعد الأزمة النقدية والمالية غير المسبوقة.
في هذا السياق يكثر الكلام عن المحافظ الرقميّة، تماما كما تكثر الأسئلة والمخاوف.
بدأت تظهر في لبنان شركات تهتم بالمحافظ الرقمية بشكل فجائيّ مع بداية العام الماضيّ، إلّا أنّها نجحت هذه السنة باستقطاب عدد لا بأس به من المشتركين الذين وثقوا بها وحمّلوا تطبيقاتها للاستفادة من الخدمات العديدة التي توفرّها.
“نحن جزء من الحلّ ولسنا البديل”… تشدّد المديرة التنفيذيّة لـ”CashUnited” رلى أبو غزالي على أنّ “فكرة إطلاق تطبيق “WeePay” في هذا الوقت تحديداً كانت وليدة الأزمة الاقتصاديّة وتداعياتها على المواطنين، بهدف تنظيم خدماتهم الماليّة عبر إعطائهم حقّ التحكّم بأموالهم ومصاريفهم اليوميّة بسهولة وأمان وحرّية مطلقة، بحيث يكون بإمكان أيّ مواطن سحب الأموال المودعة في محفظته الرقميّة متى يشاء ومن أيّ فرع لـ”CashUnited” مع ضمان الحفاظ على بياناته الشخصيّة وسجلّ التحويلات بسرّيّة تامّة، كما بإمكانه تحويل الأموال عبر المحفظة محليّاً وقريباً عالميّاً أيضاً”.
قد تبدو فكرة المحفظات الرقميّة غير مألوفة في لبنان ، مع العلم أنّها معتمدة عالميّاً ومنذ سنوات عدّة نظراً لانعكاساتها الإيجابيّة على الاقتصاد المحلّيّ.
شريكة للمصارف
اقتصادياً، يُشير الخبير الماليّ نديم السبع لـ”المدن” إلى أن “المحفظات الرقميّة هي شريكة للمصارف وليست بديلة عنها”، موضحاً أنّه “كلّ ١٥ أو ٢٠ سنة تكون المصارف الكبرى عرضة للوقوع في أزمة ماليّة معيّنة تحتمّ عليها التفكير بطرق بديلة لتسهيل شؤون العملاء، والمحفظات الرقميّة إحدى تلك الحلول التي تحتاج إلى وسيط مصرفيّ لتُصبح فعّالة، كما أنّها معرّضة كأيّ بنك إلى خطر الإفلاس في حال لم تضع الدولة بالتعاون مع المصارف قوانين صارمة للشركات المشغلّة، وهذا يعتمد على وجود دولة قانون من دون شكّ بالدرجة الأولى”.
إلى ذلك، يلفت السبع إلى أنّه “للمحفظات الرقميّة أهميّة كبيرة ستتضح معالمها أكثر خلال السنوات القادمة، مع العلم أنّها لا تعمل على نقل وتحويل الأموال فقط، إنّما “الداتا” أيضاً. وكان مصرف لبنان قد تحدّث سابقاً عن إمكانية تفعيل محفظة رقميّة خاصّة بالدولة ولو تمّ اعتمادها كما تداولوا لكنّا تفادَينا ٥٠٪ من خسارتنا خلال الأزمة، لأنّنا كنّا وضعنا حدّاً للتهرّب الضريبيّ والاختلاس وخلافهما، وحاربنا الفساد قولاً وفعلاً”.
ويُعتبر دور هذه التطبيقات بالغ الأهميّة في إدارة السجلات الماليّة وتنظيمها بشكل آمن وفعّال، كما مراقبة الحركة التجاريّة واستخلاص تقارير موثوقة ومدعومة بالأرقام لمصلحة الوزارات والجهات المعنيّة، من باب الشفافية والمصداقيّة لاسترجاع ثقة المجتمعَين الدوليّ والمحليّ.
محفظات للحماية الشخصيّة!
بعيداً عن النظريات القانونيّة والاقتصاديّة، وبما أن المستخدم هو المستفيد الأول من التكنولوجيا، فكيف يُقيّم العملاء الخدمات المقدّمة من المحفظات الرقميّة؟
“لم أعد مضطراً إلى تحويل الكثير من المال والتنقل به معرّضاً حياتي للخطر”، هكذا اختار الطالب إيلي الجميّل وصف تجربته مع أحد التطبيقات الذي لم يثق به في البداية. “لستُ من المشجعين على استخدام التطبيقات الإلكترونيّة لإجراء أيّ عمليّة ماديّة، غير أن التطبيق ساعدني كثيراً في التحكم بأموالي بمكان واحد، حتّى أنّه سهّل لي حياتي لدرجة لم أعد بحاجة إلى حمل النقود، لا سيّما وسط الأوضاع الأمنيّة الصعبة التي نختبرها”.
بالنسبة إلى باتريك بدوي، لم يختلف الوضع كثيراً، إذْ عبّر أيضاً عن ارتياحه لتطبيق “Purpl”، إحدى المحفظات الرقميّة الرائجة في لبنان أخيراً، الذي سَمَح له بتحويل الأموال بسهولة من داخل وخارج البلد، ناهيك عن دفع اشتراك “نتفليكس” و”شاهد”… وكلّ هذه الخدمات بخطوات بسيطة فقط وعن بُعد، أيّ أنّه وفّر تكاليف المحروقات، والوقت أيضاً!
“نحن حتماً بحاجة إلى ثورة رقميّة اقتصاديّة تهزّ البلد من سُباته وتعيده إلى الخريطة الماليّة لنستعيد حياتنا السابقة”، يُشير الشاب الثلاثينيّ إلى أن “فكرة التطبيق جيّدة وشروطها مقبولة نظرياً، بحيث لا يتطلب فتح الحساب فيه أيّ إجراء مصرفيّ، وتقتصر العمليّة على وضع المبلغ الماليّ المرغوب به، بعد تأكيد هويّة المستخدم الرسميّة، وبعدها يُمكنه البدء بالاستفادة من خدماته المتاحة تلقائياً”.