بأقلامهم >بأقلامهم
"التّعاسة في الفراسة"!
جنوبيات
يُحكى أنّ أعرابيًّا أصابه العطش الشّديد، فمرّ بأعرابيّة وقال لها (بلهفة الولهان):
"أهون ما عندكم نريد، وأصعب ما عندكم لا نطلب".
فقدّمت له الماء فشرب حتّى ارتوى.
فقالت له: لو عرفت اسمك لقلت لك هنيئًا مريئًا.
فأجاب: اسمي على وجهك.
عندها قالت: هنيئًا يا "حسن".
ثمّ قال: لو عرفت اسمك لشكرتك.
فقالت: اسمي على جنبك (وكان يحمل سيفًا).
فقال لها: شكرًا يا "هند".
هذا وكان أبوها ينظر إليهما من بعيد. فقال للأعرابيّ: أشربت الماء؟
أجاب الأعرابيّ: نعم.
وبدهشة الغضب العارم والظّاهر على وجهه قال الأب:
إذًا، لماذا تكثر من الكلام؟ ارحل من هنا على الفور وإلّا وضعت الذي على جنبك في أسفل ظهرك.
فعلم الأعرابيّ أنّ الأب يريد أن يضع السّيف في صلبه ويقطع نسله، ففرّ هاربًا وهو يقول: "تبًّا للفراسة فهي تجلب التعاسة".
إنّها فصاحة العرب، يوم كانت الفصاحة والبيان على كلّ لسان.
أمّا اليوم فلم تعد تنفع العرب فصاحتهم، بعد أن ارتهنوا للغرب وقلّدوهم في المظهر، ونسوا الحكمة والجوهر. وقد أصبحوا ألعوبة في يد الغرب يحرّكونها كلّما هبّت رياح التغيير، وفاحت روائح التعبير.
فويل للعرب من شرّ قد اقترب...
القاضي م جمال الحلو