بأقلامهم >بأقلامهم
"لبنان.. بلد الحرمان"!
"لبنان.. بلد الحرمان"! ‎السبت 6 05 2023 08:23 القاضي م جمال الحلو
"لبنان.. بلد الحرمان"!

جنوبيات

قد يستغرب البعض كيف يكون لبنان بلد الحرمان وفيه ما فيه من جمال الطبيعة، والمياه العذبة، وبلوكات من النّفط في بحره وبرّه، وخامات ثقافيّة وإبداعيّة، ونخبة من المتعلّمين في كلّ الميادين!

نعم إنّ العنوان جدير بالغرابة وتساؤل الكثيرين…
لكن متى عُرف السّبب بطل العجب. لقد تعمّدت ذكر "بلد الحرمان" وإن كنت ميّالًا لتسميته "بلد العميان" ولكن احترامًا منّي لفاقدي البصر لا البصيرة، أسميت لبنان "بلد الحرمان".
أذكر فيما أذكر قصّة قصيرة نُشرت لأوّل مرّة سنة 1904 في مجلّة ستراند البريطانيّة، بقلم الكاتب هربرت جورج ويلز. 
يُحدّثنا فيها المؤلّف وكاتب القصّة هذه عن مرض غريب انتشر في قرية نائية معزولة عن العالم بجبال الأنديز، فأصاب المرض سكّان القرية بالعمى.
وبإمكان من يريد الاطّلاع على القصّة الدخول إلى "معلم غوغل" لمعرفة المزيد عنها. 
وقد أشرت إلى القصّة لأقول إنّ فاقد البصر أي الضرير هو مصاب بالعمى لا بالعمه. وهناك فرق كبير بين العبارتين؛ إذ إنّ العمى هو فقدان البصر، في حين أنّ العمه هو فقدان البصيرة. 
وعودٌ على بدء أقول إن قصّة "بلد العميان" لكاتبها المخضرم تختلف عن قصّة "بلد الحرمان" التي نعيشها اليوم في لبناننا الحزين. 
فبلد الحرمان والطغيان، وانهيار قسطاس العدل والميزان، هو عبارة عن مجتمع يسوده الجهل والفوضى والفساد والتخلّف والفقر والعوز والعنف والتّعصّب بسبب أفكار غير صالحة مهيمنة عليه، وأي دعوة لانتفاضة حقيقيّة (لا تمثيليّة مموّلة من جهات خارجيّة) ستواجَه بالرفض وبريبة مستغرَبة، وبعنف شديد. 
بلد الحرمان هو كلّ مجتمع تسوده الطائفيّة البغيضة، وكره الآخر المختلف في الرأي، علمًا أنّ اختلاف الرأي لا يُفسد للودّ قضيّة. وفجأة نرى التبريرات تأتي من كلّ حدب وصوب لإيصال الأذى لكلّ من اختلف مع الجهة الحاكمة، هذا إذا لم يُخوّن ويُتّهم بالعمالة. 
بلد الحرمان هو ذاك المجتمع البالي الذي فيه أفراد جلّ همّهم ماذا يأخذون، لا ماذا يعطون أو يقدّمون. 
وبعد كلّ هذا تسألني عن بلد الحرمان؟!
نعم وألف نعم، بلد الحرمان هو ذلك البلد الذي كان يُسمّى قديمًا ب"سويسرا الشّرق"، والذي غنّاه عملاق الطرب "وديع الصّافي" بأنّه "قطعة سما".
بلد الحرمان والطغيان وانهيار مقوّمات الكيان هو بكلّ أسف "لبنان"!
فهل من ينقذه؟!
من الربّ نطلب...

المصدر : جنوبيات