بأقلامهم >بأقلامهم
"سياسة الإذلال في واقع الاحوال"!
جنوبيات
يُحكى في عوالم الشكاوى وما تطرحه من خفايا أنّ رجلًا ذهب يشكو إلى جحا مشكلته بغية حلّها، قائلًا: يا جحا، أنا أسكن مع زوجتي وأطفالي الستّة وأمّي وحماتي في غرفة واحدة فماذا أفعل؟
فأجابه جحا: اذهب واشترِ حمارًا وأسكنه معك بالغرفة وعد بعد يومين.
عاد الرجل بعد يومين وقال: يا جحا، أصبح الأمر أسوأ.
فقال له جحا: اذهب واشترِ خروفًا وضعْه معك بالغرفة وعد بعد يومين.
عاد الرجل ووجهه شاحب قائلًا: يا جحا، أصبح الأمر لا يُطاق.
فقال له جحا: اذهب واشترِ دجاجةً وعد لي بعد يومين.
عاد الرجل، وقد أوشك على الانتحار، قائلًا: يا جحا، أكاد أموت من العذاب.
فردّ جحا قائلًا: اذهب وبِع الحمار وأخبرني.
عاد الرجل وقال: لقد تحسّن الأمر قليلًا.
فردّ جحا قائلًا: اذهب وبِع الخروف وأخبرني.
عاد الرجل وقال لجحا: الوضع أفضل من ذي قبل تقريبًا.
فقال جحا: اذهب وبِع الدجاجة وأخبرني.
رجع الرجل وعلى محيّاه بسمة الرضى وقال: أنا بأفضل حال، أشكرك يا جحا من صميم القلب.
وعليه، وفي واقع ما نعيشه اليوم من العذابات القاتلة، فإنّ الأزمات السياسيّة تُدار على هذا النحو في عالم القهر والإذلال.
فسياسيّو "البلطجة" ينتجون في كلّ حين مشاكل جديدة حتّى نشكر الله على ما مضى، ونحمدهم على نعمة المحاولات الزائفة. وبالتالي ننسى أصل المشكلة، ونبقى مدينين لأهل الساسة بالعرفان والجميل، ولو أدّى الأمر إلى سرقة جنى العمر والرضى بالقليل.
وبمختصر الكلام مع الكمّ الهائل من الآلام نقول: لا تتنازل عن حقّك في الحياة حتّى لو كانوا أكثر منك قوّة وحجمًا، فإن تنازلت ولو لمرّة واحدة فاستعدّ لرحلة طويلة نحو الذلّ.
إنها باختصار :
"ألاعيب السياسات في إدارة الأزمات".