بأقلامهم >بأقلامهم
"الكبش الأملح"!
"الكبش الأملح"! ‎الأربعاء 24 05 2023 08:38 القاضي م جمال الحلو
"الكبش الأملح"!

جنوبيات

انها من حكايا جدّتي "طيّب الله ثراها" وعنوانها:  

"من سرقَ الكبش الأملح"؟!
تقول الحكاية إنّ "أبا أسعد" كان قصّاصًا بارعًا للأثر، فقد حباه الله ذكاءً خارقًا، ودقّة ملاحظة شديدة، وسرعة بديهة عجيبة، وقدرة هائلة على ربط الأشياء ببعضها البعض، وبالتّالي الوصول إلى الحقّ وإلى الفاعل بدون استعمال أجهزة أو معدّات سوى بصيرته وحواسه المستيقظة.
ذات يوم لجأ إليه أحد سكّان القرية "فارعًا دارعًا" وشكا له أنّ "كبشه الأملح" - "أبو عيون زرق وأسنان فُرق" - قد سُرق من الحظيرة ليلة أمس وقد أضناه البحث والسؤال والرّجاء والمناشدة طوال النهار، ولكن بدون فائدة. فرجا الرجل "أبا أسعد" أن يساعده في معرفة مصير كبشه المفقود. فلبسَ أبو أسعد عباءته وتناول عصاه ثمّ رافق الرّجل إلى الحظيرة ليرى خيط الجريمة من بدايته. وقف هناك، التفت شرقًا وغربًا، درس الطرق المؤدّية إلى الحظيرة، "قرفص" أمام الباب المفتوح، شاهد بعر "الكبش"، تقدّم قليلًا، لمح آثار قدم، وبعدها بأمتار رأى مزعة صوف عالقة بالشوك القريب. فطلب من صاحب "الكبش" أن يقف في مكانه وهو سيتابع الطريق. ظلّ أبو أسعد يقتصّ الأثر بدليل هنا ودليل هناك إلى أن وصل إلى "خربوش" على حدود القرية قد نُصب حديثًا، فسلّم على صاحب الخربوش وسأله : هل شاهدتم كبشًا مرّ من هنا؟ فأنكر صاحب الخربوش أن يكون قد رأى شيئًا .صمت قليلًا ثمّ عاد وسأله إن كان قد شاهد أحدًا غريبًا مرّ من أمام خربوشه أو كان بضيافته يوم أمس. فعاد وأنكر صاحب الخربوش أن يكون قد زاره أحدٌ منذ أسابيع. خجل الرّجل من اتّهامه مباشرةً، ثمّ سأله :هل طبختم لحمًا أو شحمًا أمس، فحلف له يمينًا قاطعًا أنّ اللحم لم يدخل بيته منذ شهور، فلم يكن من "أبي أسعد" إلاّ أن طلب من صاحب البيت أن يحضّر له شربة ماء ويرتاح قليلاً داخل الخربوش، فرحّب الرجل وأدخله. التفت أبو أسعد إلى زوايا البيت فشاهد نملة صغيرة تحمل قطعة بحجم حبّة العدس "من الشّحم"، فأخذها ووضعها على حافة عباءته، ثمّ شاهد أُخرى تحمل كتلة أكبر من "الدّهن"، فانتزعها من النّملة ووضعها الى جانب الكتلة السّابقة فوق عباءته، وهكذا إلى أن أصبح ما لديه (يمكن أن يُشمّ أو يُذاق أو يُلمس جيّدًا). عندها واجه صاحب الخربوش بالدّليل، فاعترف الرّجل على الفور بسرقة كبش.
 "نتفة دهنة " لا تتعدّى رأس الإصبع كشفت عن شخصيّة سارق الكبش وكلّ هذه القصور، والأملاك، والأرصدة ، والعقارات، والشركات، والمليارات المسروقة والمنهوبة، والمديونيّة الكبيرة، والأجهزة والداتا وهيئات مكافحة الفساد، وملفّات السّرقات الكبيرة الثّقيلة الحجم والوزن، والنّهب وغيرها من الموبقات السبع. والى الآن لم يُقبض على احد، ولم نستّدل بعد على مَن سرق "كبش الوطن" ونهب المواطن وأكل لحمه!
الظّاهر (والله اعلم  "ما في ولا أبا أسعد شريف بهالبلد"...
واذا كان يوجد (من يقوم بمثل مهمّة ابي اسعد) فعضّوا عليه بالنّواجذ، وليقل أنا جاهز لتقديم المآخذ !!! 
 
مُلاحظة: الخربوش عند العرب هو نوع من بيوت الشّعر يُنصب على شكل خيمة صغيرة، وهو بعكس المسومع الذي هو عبارة عن خيمة كبيرة من بيت الشّعر.

المصدر : جنوبيات