لبنانيات >أخبار لبنانية
عدا عن الفتنة الداخلية....تحذير من مشروع "عزل لبنان" عن العالم!
عدا عن الفتنة الداخلية....تحذير من مشروع "عزل لبنان" عن العالم! ‎الأحد 9 07 2023 14:39
عدا عن الفتنة الداخلية....تحذير من مشروع "عزل لبنان" عن العالم!

جنوبيات

 

على رغم  رزمة المخاوف التي أطلقت قبل نهاية ولاية الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون حيال ما يجري في مصرف لبنان منذ ان بدأت الملاحقة القضائية الأوروبية لحاكم البنك المركزي رياض سلامة وشقيقه وبعض مساعديه، لم يتخذ اي قرار جدي كان يمكن اتخاذه في ظروف إدارية وقانونية ودستورية مؤاتية سواء بالتفاهم معه او خلاف ذلك.

وعليه، طرحت مجموعة من الاسئلة عن الظروف التي حالت دون تلك القرارات التي كان يجب ان تحتسب بهدف معالجة التداعيات السلبية المتوقعة لما يمكن ان يشهده البنك المركزي وما يمكن ان يطال حاكمه ووضع النقد الوطني، خصوصا ان الحديث المتنامي عن احتمال خلو سدة الرئاسة كان أمرا مطروحا بطريقة لم تكن تخضع لأي نقاش وكأن الامر محتوم ولا قوة يمكن ان تبعد هذا الكأس عن لبنان واللبنانيين. أمر يزيد من حدة الازمة في ظل حكومة تصريف اعمال كانت قراراتها موضوع نقاش وخلاف كبيرين حتى بوجود رئيس الجمهورية ولم يتنازل أحد عن سقفه من اجل تشكيل حكومة جديدة تتمتع بمختلف المواصفات الدستورية على مدى الاشهر الخمسة الفاصلة عن نهاية ولاية رئيس الجمهورية.

لم يكن من الصعب على اي مرجع سياسي او ديبلوماسي تحدثت اليه "المركزية" ان يتناول الأسباب التي حالت دون عبور هذه المحطات الدستورية والمالية والادارية بشكل طبيعي وسلس، وردت ذلك الى منطق الكيدية السياسية التي حكمت تصرفات رؤساء السلطات الدستورية التي تحولت متاريس متصارعة أطاحت بالكثير من مصالح لبنان واللبنانيين، من دون ان يلتفت اي منهم الى الخسائر المقدرة على الشعب والدولة والمؤسسات بطريقة أحيت منطق "عليي وعلى اعدائي يا رب" من دون ان تتوفر القوة الرادعة أو تلك الوسيطة التي كانت تعالج بعض الأزمات وتطويها الى حين، بعدما عجز الوسطاء عن القيام بأي مبادرة يمكن ان تؤدي الى اعادة ترتيب البيت اللبناني وليسود القانون والدستور في ما بين المؤسسات والسلطات التي فرزت على خلفيات مختلفة بالاستناد إلى قرارات وفتاوى دستورية غب الطلب بوجود مستشاري البلاط على تعدد اختصاصاتهم الدستورية والقانونية والادارية الذين تنافسوا على إرضاء المرجعيات، رغم عدم قناعتهم الشخصية بالعديد من الآراء التي اعطيت لتبرير هذا القرار والاجراء او ذاك، عدا عن تلك التي بنيت على قاعدة ما هو متوفر من قوة الأمر الواقع التي يتمتع بها البعض.

من هذه الزوايا، تنطلق المراجع المالية والقانونية في مقاربتها لما سمي بملف المصرف المركزي مع قرب انتهاء ولاية الحاكم نهاية الشهر الجاري، وسط مجموعة من السيناريوهات المشكوك في صدقية من يحاول تكريسها لاهداف شخصية وسياسية شبيهة بتلك التي اعتمدت في تبرير حال الإفلاس المالي والنقدي والسطو على اموال المودعين وافلاس الدولة وتهديد ما تبقى من الاحتياط الالزامي لدى مصرف لبنان، الى درجة جعلت لبنان على مسافة قصيرة من اعلانه دولة مفلسة ومارقة لا تستحق صفة الدولة. وهو أمر قادت اليه الاتهامات المتبادلة بين من قاد البلاد إليها بطريقة اضاعت المسؤوليات التي كان يمكن تحديدها ومحاسبة من أخطأ انطلاقا من حجم الصلاحيات التي يمتلكها وتلك التي يمكنه ان يلجأ إليها ولم يفعل.

في ظل هذه التعقيدات التي أغرقت البلاد في مجموعة من الأزمات المتشابكة و المتناسلة، جاءت تهديدات نواب الحاكم في مصرف لبنان بالاستقالة الجماعية، على الرغم من الخلافات المستحكمة في ما بينهم تجاه العديد من القرارات التي اتخذها حاكم البنك المركزي منذ فترة طويلة، ولم يفتحوا هذا الملف يوما طيلة السنوات الماضية قبل ان يفصحوا اليوم وقبل أقل من ثلاثة أسابيع على نهاية ولايته، للاشارة الى ملاحظاتهم التي كان يمكن ان تعيق لجوء الحاكم إلى اي من التعاميم التي اصدرها في ظل فشل السلطة التنفيذية والتشريعية في اتخاذ القرارات والمبادرات المطلوبة وتلك التي التي كان عليها اتخاذها لحماية الاستقرار المالي والنقدي ومنع الإنهيار المحقق. وهو أمر قاد إلى قراءات متعددة الأهداف المقصودة من التهديد بترك القطاع المالي والنقدي بلا قيادة ابتداء من الأول من آب المقبل ما لم ترس المعالجات الجارية على ما يضمن ابعاد هذه الكأس المرة عن لبنان واللبنانيين.

وعليه، كشفت مراجع مالية ونقدية لـ "المركزية" بان وراء خطوة نواب الحاكم اكثر من قطبة مخفية، لا يمكن الاستهانة بخطورة اي منها في ظل خلو سدة الرئاسة من شاغلها وبوجود حكومة مشكوك بدستورية قراراتها ومراسيمها والحديث عن تجاوزها كل ما تقول به القوانين والدستور الى درجة باتت تهدد مستقبل بعض القطاعات بعدما سيطرت على ادارتها الاعراف والسوابق بكل وجوهها  وخصوصا ان البعض منها بُني على مثيلات لها في فترات غابت فيها الدولة ومؤسساتها لصالح الدويلة وقوى الأمر الواقع، ليس على مستوى بعض المناطق التي تتمتع بما يمكن تسميته بالادارة الذاتية والتي تحولت الى بؤر خاصة انما على مستوى المواقع الأساسية في الدولة.

على هذه الخلفيات، حذرت مصادر مالية وقانونية من مخاطر  هذه الخطوة التي تخلي قيادة البنك المركزي من قيادته، خصوصا ان كانت ستواكبها قرارات  يمكن ان تهدد سلامة النقد الوطني وانفلات السوق المصرفي على مجموعة من الإجراءات التي يمكن ان تؤدي إلى هلاكه وكأنه لا يكفيه ما يعاني. 

ويحذر المراقبون الماليون والقانونيون من مجموعة من الخطوات السياسية والادارية والقانونية  المتوقعة نتيجة التهرب من تحمل المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق المسؤولين، وهو ما يخضعهم للملاحقة أمام المراجع القضائية ان تجاوزوا حدود السلطة الممنوحة لهم في مواقع هي الأكثر حساسية في البلاد. خصوصا ان انفلت سوق النقد الوطني وغابت الآليات المصرفية بين لبنان والبنوك المراسلة والمؤسسات الدولية المكلفة بتصنيفها وتقدر صوابية إدارتها وهي عملية غير مسبوقة ولا يعرف أحد من اليوم ما يمكن ان تقود اليه مثل هذه الحالة غير المسبوقة في تاريخ اي دولة في العالم.

وعليه، حذرت  المراجع عينها من خطورة ان يعتقد البعض انه يمكنه تجاوز حد السلطة في استغلال موقع الحاكم بالوكالة. فالصلاحيات التي يتمتع بها الحاكم لا يمكن ان تنتقل بكاملها الى نائبه الاول واي محاولة للسطو على ما هو محظور منها وخصوصا لجهة التعاطي بموجودات مصرف لبنان من الذهب وفي بعض المؤسسات التي يمتلكها قد تؤدي الى وضع غير قابل للمعالجة في وقت لاحق. هذا عدا عن الفتنة التي يمكن ان تقود إليها حال الفلتان المالي والنقدي بحيث سيسيطر المال غير الشرعي وما هو متداول به من خارج القطاع المصرفي عدا عن تسويق المال المسروق والمنهوب والمتوفر بفعل قدرة البعض المنظم على تبييض الاموال وتسويق المزور منه، هذا إن لم تقطع كل وسائل التواصل مع البنوك المراسلة و عزل لبنان عن الخارج لفقدان من يتعاطى معهم الصفة الشرعية الداخلية وتلك المحكومة بالاتفاقيات والتفاهمات الدولية المعمول بها.

وختاما، تنتهي المراجع المالية والقانونية الى التحذير من مجموعة من المخاوف المقدرة التي دنت من ان تكون امرا واقعا من دون ان يقدّر من يعنيهم الأمر ما معنى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وما معنى ان تستعيد السلطات الدستورية عقدها كاملة تمهيدا للبحث في توليد حكومة بمواصفات دستورية كاملة يمكنها ان تضع اللبنة الأولى لإحياء مظاهر الدولة واستعادة ما فقد من ثقة داخلية وخارجية بالقطاع المصرفي واستعادة النقد الوطني شيئآ من قيمته الفعلية.

المصدر : جنوبيات