عام >عام
قصة "الموت المعلن" في قضية قتل العنصر الامني القاق "ثأرا"
الأربعاء 28 12 2016 21:07قبيل فترة ليست بالبعيدة " جردت " قيادات الطائفة الشيعية حملة سياسية – اعلامية واسعة تصدرها الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله شخصيا وشاركت فيها حركة "أمل" ولو رمزياً وباركها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وذلك تحت عنوان عريض وهو الحد من اعمال الثأر بين العشائر والعائلات البقاعية الشيعية وما يندرج تحتها من عناوين فرعية من قبيل "التمرد" على القوانين والانظمة و"الخروج"على موجبات الانتظام العام .
الحملة بدأت كما هو معلوم بخطاب صريح خصصه السيد نصرالله لهذا الغرض حصراً وأسهب خلاله في الحديث عن مخاطر ما يجري وما يمكن ان ينجم عنه وتلاه لقاء موسع جمعه مع حشد من الفاعليات البقاعية على اختلافها ثم كان عمل لاحياء لجان المصالحة والتواصل ورأب الصدع وارساء اسس آليات للمعالجة وخفض منسوب التوتر وضبط الاوضاع وعليه سرت لدى البعض نسبة معينة من التفاؤل والامل بانفتاح الابواب امام مشهد مختلف وصورة نمطية مغايرة عن الوضع في البقاع الشمالي تحديداً .
وفجأة ومن خارج هذا السياق أتت قضية مقتل العنصر في مخابرات الجيش ماجد القاق غيلة على يد اشخاص من عشيرة آل جعفر بتهمة انه قتل شابا من العشيرة في 18 ايلول الفائت عن طريق الخطأ عندما كان القاق مع رفاق له على حاجز للجيش في الهرمل .
في القصة الدرامية مفارقات عدة وسوابق غير مألوفة اطلاقا اذ تتبنى ما سمى بـ "الوحدة الامنية" لال جعفر صراحة عملية اغتيال القاق وتقر بذلك عبر يثها فيديو من طريق" اليوتيوب ".
واكثر من ذلك تكشف العشيرة في شريطها عن انها قتلها للعسكري تم بعد عملية رصد وملاحقة في محلة السيدة زينب في ريف دمشق بعدما لجأ الى هناك قبيل فترة قصيرة خشية وتحسباً.
القضية برمتها تبدو كأنها " قصة موت معلن " على غرار أحداث الرواية الشهيرة التي تحمل الاسم اياه والتي كتبها الروائي الكولومبي الشهير غبريال ماركيز اذ ان العنصر القتيل سبق ان تبلغ مرارا بانه مقتول لامحالة بموجب قوانين الثأر العشائري. وعندما غير محل اقامته ولاذ في الحمى السوري لوحق الى حيث هرب طلباً للامان ورمي بالرصاص في وضح النهار.
ومن المفارقات ايضا ما انتشر لاحقا عن ان الجهود التي بذلتها قيادة الجيش غداة مقتل الشاب جعفر لمعالجة تداعيات القضية وذيولها وفقاً للقوانين المرعية الاجراء والحيلولة دون عملية الثأر وما يليها ذهبت ادراج الرياح في وقت سرت معلومات تفيد ان القاق لجأ الى سوريا بايعاز ضمني من مخابرات الجيش او بعلم مسبق منها بعدما تبدى لها العجز عن حمايته .
الثابت ان هناك عمليات ثأر عدة قد شهدتها سابقا منطقة البقاع ولكن العملية الاخيرة بكل تفاصيلها غير مسبوقة ان بمندرجاتها او بدلالاتها فهي تظهر بشكل او بأخر ثلاث وقائع :
- عجز الفاعليات والمراجع الشيعية المعنية عن الوصول باهداف الحملة السياسية والاخلاقية والاعلامية التي جردتها ووضعت فيها كل ثقلها المعنوي للحد من عمليات الثأر والاخلال بالنظام العام في البقاع الشمالي تحديدا تمهيدا لاعطاء صورة اكثر ايجابية وحضارية عن المنطقة وقاطنيها وتنهي حالة توازن الرعب التي عاشت عليها لعقود عدة خلت بين عشائرها وعائلاتها .
- مجاهرة عشيرة بعينها بالسعي لفرض اعراف وتوازنات جديدة في نطاق جغرافي تبدو فيها وكأنها تحولت قوة عسكرية منظمة تحت مسمى " وحدة امنية " مهمتها الملاحقة وتنفيذ عمليات الثأر وفق العرف العشائري وهو امر من شأنه ان يفتح الباب امام مفاجأت واحتمالات ليست بالحسبان .
- مجريات القضية وتفاصيلها اعطت انطباعا بعجز المؤسسة العسكرية عن حماية احد عناصرها او معالجة ما نشأ عنه فعل قام به ابان تأدية مهمته العسكرية بغض النظر عما اذا كان ارتكب خطأ مسلكيا ادى الى قتل شخص بريء ام لا .
في كل الاحوال القضية من ألفها الى يائها هزت الوجدان الوطني في مرحلة تسعى القوى السياسية الى استعادة ثقة الناس بالسلطة والحكم ولكنها كانت وفق رؤية البعض بمثابة جرس انذار وتحذير لاحتمالات ما بعد الحادث فأما تتم المعالجة على نحو يعيد الاعتبار لهيبة القانون والسلطة او تنفتح ابواب مفاجأت يخشى من نتائجها مستقبلا ومن بينها ان تصير عشائر بعينها فوق القوانين او دويلة ضمن الدولة .