بأقلامهم >بأقلامهم
تحقيق المصالحه الفلسطينية وتأثيراتها
الأربعاء 26 07 2023 17:11
هبه بيضون
جنوبيات
من أكبر التحديّات التي تواجه الفلسطينيين تحقيق المصالحة، فهي تشكّل بالنسبة لهم وللقيادة الفلسطينية هدفاً هاماً، ولتحقيقه، فإنّ ذلك يتطلب التعاون من أجل الوصول إلى التفاهم بين الأطراف المختلفة، ومع تعدّد المبادرات من قبل عدة دول ومن قبل الفلسسطينيين أنفسهم لتحقيقها، يمكن القول، وبشكل عام، إنّ تحقيق المصالحة يتطلب خطوات أساسية، هي:
إنهاء الانقسام الفلسطيني: وهو المسبب الرئيس للخلاف والصراع بين الطرفين، السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، والسلطة الانقلابية التي جاءت إلى الحكم في جزء من الوطن بالقوة وبالدعم الخارجي، يجب أن يكون هدف جميع الأطراف هو العمل على إنهاء الانقسام بين (الضفة الغربية) و(قطاع غزة)، واستعادة الوحدة الوطنية.
وحدة القيادة: يجب أن يتحلّى الفصيلين بوحدة القيادة السياسية والمؤسسية، حيث يُسهم ذلك في تحسين التفاوض وفرص التوصل إلى اتفاق وضمان تنفيذه.
التفاوض بنيّة جادة: يجب أن تكون الأطراف المختلفة مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات وإجراء حوار بنّاء ويبنى على أيّ اتفاقات سابقة تم التوصل إليها. وعند الحديث عن التفاوض، هذا يعني أن يتنازل الطرفان عن مواقفهم المتشدّدة في بعض الأمور، والتركيز على إيجاد حل يُفضي إلى تحقيق المصالحة والاستقرار بدلاً من المراوحة في المكان.
ترسيخ الثقة بين الطرفين:حيث يُعد بناء الثقة أمراً حيوياً وضرورياً، ولتحقيق ذلك، لا بد أن يلتزم الطرفان بأيّ اتفاقات مسبقة، وذلك بالعمل على تنفيذ ما اتفق عليه.
تحديد الأهداف والاتفاق عليها: يجب أن يكون هناك رؤية واضحة لدى الطرفين للأهداف التي يرجون تحقيقها من خلال المصالحة، والمتمثلة بإنهاء الصراع وإنهاء الاحتلال ووضع المصالح الوطنية العليا كأولوية، من أجل تحقيق المشروع الوطني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
مشاركة المجتمع الدولي: والذي قد يكون دوره محورياً في تسهيل عملية المصالحة الفلسطينية ودعمها بكافة السبل، من خلال الوساطة بين الطرفين، والتدخل عند تأزم الأمور، وتقديم كل أنواع الدعم السياسي والاقتصادي للإجراءات التنفيذية اللازمة.
كما يمكن لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة أن يؤثر إيجابياً على الدول الأخرى في المنطقة وعلى المجتمع الدولي بشكل عام، حيث أنّ بعض التأثيرات المحتملة ما يلي:
- تعزيز التعاون الاقتصادي بين فلسطين والدول المجاورة، ما قد يفتح الباب أمام فرص جديدة للتجارة والاستثمار، ويعود بالفائدة على الاقتصادات المتعاونة، بما فيها الاقتصاد الفلسطيني.
- تحسين العلاقات الدولية بين فلسطين وبعض الدول في المنطقة وحول العالم، ما قد يؤدّي إلى دعم أو زيادة دعم بعض الدول لفلسطين، وتعاونها معها في قضايا سياسية واقتصادية وغيرها، ويتحول أيّ دعم للفصيل الانقلابي من قبل بعض الدول، إلى دعم لفلسطين.
- تعزيز الاستقرار السياسي في المنطقة، حيث أنّ تحقيق المصالحة يقلّل من التوترات بين الفصائل الفلسطينية وتنحسر الصراعات الداخلية.
- تعزيز دور الفلسطينيين السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية والإقليمية، حيث يصبح بإمكانهم التحدث بصوت واحد، وهذه الصوت قوة قد تسهم في أن تكون التحركات الدبلوماسية أكثر فعالية للدفاع عن الحق الفلسطيني ودعم القضية الفلسطينية.
- تحسين التعاون الأمني بين الفلسطينيين والدول الأخرى في المنطقة، من خلال العمل المشترك لضمان الأمن، ما يعزز من استقرار المنطقة.
- يجعل تحقيق المصالحة الفلسطينيين أكثر قدرة على التفاوض مع إسرائيل لانتزاع الحقوق الفلسطينية المشروعة.
- تحسين الصورة الذهنية للفلسطينيين عند الدول الأخرى، حيث تتوقف عملية المعايرة والتذرع بالانقسام الفلسطيني، وربط المصالحة بقضايا أخرى تخص فلسطين، حيث يصبح الفلسطينيون موحدين.
- تعزيز دور المنظمات الإقليمية والدولية، حيث يسهم تحقيق المصالحة في توفير فرص جديدة وتعزيز التعاون والتنسيق مع هذه المنظمات بالطرق التالية:
• زيادة مستوى الدعم الدولي والإقليمي للفلسطينيين، فعندما تتوحد الفصائل الفلسطينية وتتفق على الأهداف الوطنية، يصبح أسهل على المنظمات الإقليمية والدولية تقديم الدعم المالي والسياسي والإنساني لتحقيق هذه الأهداف.
• تعزيز التعاون في المشاريع الإنسانية والاقتصادية بين الفلسطينيين والمنظمات الإقليمية والدولية، حيث من الممكن أن تزيد المنظمات من دعمها لمشاريع الإغاثة والتنمية في فلسطين، وبالتالي تسهم في تحسين الظروف المعيشية للسكان.
• إنّ تحقيق المصالحة يعزز من دور فلسطين في المشاركة في جهود الوساطة الدولية، وهذا يمكن المنظمات الإقليمية والدولية من دعم وتسهيل هذه الجهود، وذلك من خلال التشجيع والتأييد السياسي عبر التصريحات الرسمية والبيانات، وتقديم الخبرات والمشورة للفلسطينيين حول كيفية التعامل مع عمليات الوساطة، ما يساعد في تحسين استراتيجيات الفلسطينيين، وتقديم الموارد المالية للفلسطينيين لتمويل نشاطاتهم وبرامجهم ذات الصلة بالوساطة، كما يمكن لها تسهيل اللقاءات والمحادثات مع الأطراف المعنية والشركاء الدوليين، ناهيك عن تقديم الدعم القانوني المتعلق بالوساطة.
بشكل عام، فإنّ تحقيق المصالحة قد يلزم المنظمات الإقليمية والدولية بتقديم الدعم والمساعدة المستمرة للفلسطينيين بشكل منهجي ومنظم.
وأخيراً، يجب القول إنّ تأثيرات المصالحة الفلسطينية على الدول الأخرى يعتمد على مدى نجاح عملية المصالحة ذاتها وتنفيذ الاتفاقات المبرمة واستمراريتها، هذا بالإضافة إلى استجابة الدول الأخرى لتطورات الموقف.