بأقلامهم >بأقلامهم
"رسالة إلى الزّعيم"!
جنوبيات
في زمن الزّعيم الرّاحل جمال عبد الناصر "طيّب الله ثراه" كان هناك فتاة اسمها فاطمة عيد سويلم، من إحدى قرى محافظة المنصورة، يتيمة الأبوين، تربّت في كنف عمّتها التي لم يكن لديها أولاد. وعندما كبرت وأصبحت في سنّ الزواج تقدّم لخطبتها شابّ من القرية، لكنّ أمّه رفضت لأنّ الفتاة يتيمة ولا عزوة لها يؤازرونها. تأثّرت الفتاة كثيرًا وذهبت إلى عمدة القرية راجية منه أن يكون وكيلها عند عقد قرانها، لكنّه رفض بعد أن سخر منها. فذهبت إلى مأمور المركز ترجوه أن يكون وكيلها فرفض أيضًا. عندها، وبحرقة المتلهّفة إلى الغوث والعون، كتبت إلى الرئيس جمال عبد الناصر تشرح له قصّتها وترجوه أن يتوسّط ويطلب من العمدة أن يكون وليّ أمرها في عقد قرانها.
وقد كان من عادة الرّئيس الرّاحل عبد النّاصر أن يقرأ بنفسه الرّسائل التي ترده من النّاس، ويطلب من سكرتيره الخاصّ محمود الجيّار حلّ أي مشكلة. لكنّه عندما قرأ رسالة فاطمة اتّصل بمحافظ المنصورة وطلب منه أن يذهب إلى القرية حيث تسكن الفتاة، ويأخذ معه عددًا من الشّخصيّات الرّسميّة، كما أمره أن يطلب من العمدة أن يهيّئ مكانًا مناسبًا لعقد القران، وأن ينتظر هناك هو ومن معه لأنّ مندوبًا من رئاسة الجمهوريّة سيحضر في ذلك اليوم بعد صلاة الظّهر. ثمّ اتّصل عبد الناصر بشيخ الأزهر وطلب منه الحضور إلى القصر الجمهوريّ صباح ذلك اليوم. وكان محمود الجيّار قد اشترى قطعة ذهب بقيمة 25 جنيهًا دفع عبد الناصر ثمنها من جيبه الخاصّ. وعند صلاة الظّهر كان عبد النّاصر وشيخ الأزهر ومحمود الجيّار أمام بيت العمدة. وعندما ترجّل من السيّارة صُعق المحافظ ومَن في صحبته. وهناك طلب عبد الناصر من العمدة شخصيًّا أن يذهب ويحضر الفتاة وخطيبها وأمّه. وعند اكتمال كلّ المراسيم الشكليّة للاحتفال بعقد القران، وقف عبد الناصر وقال للشابّ أنا وكيل ووليّ أمر فاطمة، فهل تقبل أن تتزوّجها؟!
اندهش جميع الحضور، وكأنّ على رؤوسهم الطّير، وتمّ عقد الزواج، (الوكيل عبد الناصر، و الشاهدان محمود الجيّار ومحافظ المنصورة، والمأذون شيخ الأزهر).
فهل هناك حادثة مشابهة فعلها حاكم في القرنين العشرين والواحد والعشرين كما فعل الزعيم عبد الناصر عندما جبر بخاطر فتاة يتيمة؟
إنّه جبر الخواطر في أبهى حلله وأجمل صوره وأسمى معانيه.
رحم الله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وأسكنه فسيح جنانه.
فأين نحن اليوم من هؤلاء الرّجال العظام؟