بأقلامهم >بأقلامهم
"العمالة والغدر"!
جنوبيات
يُروى في صفحات الزّمان والمكان أنّ ملكًا غاصبًا اسمه "الغدّار بن جبّار" أراد اجتياح بلدة تسمّى "العزّة"، بيد أنّ الجنود عجزوا عن اقتحامها. فكتب الملك الغدّار إلى أهل البلدة رسالة مفادها:
"أنّ من يسلّم سلاحه ويقف إلى جانبنا، فهو آمن. أمّا من يرفض التّسليم ويستمرّ في القتال فلا يلومنّ إلّا نفسه".
فانقسم أهل البلدة إلى صفّين اثنين:
رفض أصحاب الصفّ الأوّل الاستسلام وتسليم السّلاح، وحجّتهم أنّ جنود الغدّار لو استطاعوا غزوهم لما طالبوا التّفاوض معهم. ودعوا للاستمرار في القتال، فإمّا النّصر ورفع راية العزّة، وإمّا الشّهادة والقتال بشرف.
أمّا الصفّ الثاني فجبن أصحابه عن المواجهة وقالوا:
"نريد حقن الدماء ولا طاقة لنا بالقتال، نظرًا إلى عديد جنود الملك الغدّار وعتاده".
عندها كتب الملك الغدّار لأصحاب الصفّ الذين وافقوا على الرّضوخ والاستسلام أن أعينونا على قتال من رفض منكم تسليم سلاحه. وسنولّيكم بعد ذلك أمر حكم بلدتكم وإدارة شؤونها.
فاغترّ أهل الصفّ الثاني بكلام الغدّار "رغبًا ورهبًا من بطش جنوده". فنزلوا عند رغبة الملك المحتلّ، ودارت رحى المعركة بين الطرفين؛ طرف قاوم بثبات دفاعًا عن المبادئ والقيم حتّى قضى نحبه. وطرف وضيع باع نفسه وخان مبادئه وصار عبدًا من عبيد الاستعمار.
وفي نهاية الأمر كانت الغلبة لأصحاب التّسليم والعمالة.
لكن الصّدمة الكبرى، والفاجعة الخطيرة، أنّ الملك الغدّار أمر بسحب السّلاح من الطرف العميل، وأوعز إلى جنوده في ذبح العملاء كالنّعاج.
وحينها صرخ الملك الغدّار بأعلى صوته: "لو كان يؤمن جانبهم، ما غدروا بإخوانهم من أجلنا ونحن الغرباء".
ومن منطلق الحرص على التّماسك والتّضامن، وعدم الانزلاق إلى منازل الهالكين نقول، وبالفم الملآن:
"لا تقتلوا أسودكم فتأكلكم كلاب عدوّكم".
فهل من يعتبر؟