ثقافة وفن ومنوعات >ثقافة وفن ومنوعات
التعلُّم من الأخطاء والنمو الشخصي
جنوبيات
استثمر أخطاءَك لتبني ذاتك.
للتعلُّم من أخطائنا والنمو الشخصي علاقة رابطة، مبنية على إدراك الإنسان لذاته وتقديره لها، ووعيه تجاه أفعاله، والمقدرة على فهم ما قد ينتج عنها. كما أنّ الأخطاء هي جزء طبيعي من مرحلة النمو الشخصي ولا داعي للخوف منها.
يُعرَّف الخطأ بأنّه فعل تنتج عنه نتيجة سلبية غير مرضية لنا ولمَنْ حولنا أحياناً، والتي قد تنتج عنها مفاعيل مُسبِّبة لمشكلات في محيطنا، ربما اجتماعياً أو عملياً أو أيّاً كان، ولكن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وهذا ما يُعدُّ من أولى درجات سلّم النمو الشخصي.
أي عندما نرتكب فعلاً خاطئاً مهما كان حجمه، وإنْ كان يوازي حجم ذرّة أو صخرة، فلنبادر مباشرة إلى الاعتراف به، لأنّ الصراحة مع الذات أولاً، ومع الآخرين ثانياً، مُكوّن رئيسي في عملية بناء الثقة مع النفس لتكتمل في ما بعد مع الآخرين.
يُعتبر تحدّي الذات أيضاً من الخطوات الجريئة، التي يعتمدها الإنسان الهادف إلى تصحيح مسار أخطائه، وتحويلها إلى إنجازات تُفصِح عن مدى عزيمته ومسؤوليته نحو أفعاله واهتمامه المُطلق بها، صغيرة كانت أم كبيرة، وذلك أشبه بمعاندة طفل يُصارع الوقوع في أولى خطواته، ليُنجز أخيراً مُهمّة سيره الصحيحة.
فالتحدّي يُعزّز الثقة والدعم للذات، على أنّها قادرة على فهم وإنجاز كل ما ترصده والأشدُ جُرأةً من قبول التحدي هو إنجازه.
ولا شك أيضاً في أنّ استخلاص العِبَرة والدروس من أخطائنا يساعد في معاودة الفعل لكن دون أن يكون خاطئاً، بل بنجاح، لأنّ فهم الخطوات التي أدّت إلى الخطأ، ثم تحليلها على محمل الجد والعمل على تطويرها في المستقبل لتتحوّل إلى خطوات تُساهِم في إنجاز عمل أو فعل تام يؤهّلها لتكون مساعدة ونصيحة في حال تكرار عملية الفعل ذاتها مع الآخرين.
ويعكس وعي الذات لما تفعل لتجنّب التكرار الخاطئ، ويكون المرء على بيّنة تامة من خطوات سليمة لإنجازٍ سليم، ويقول المثل: "سآل مجرّب ولا تسأل حكيم".
إضافة إلى ما ذُكِر، يبقى الصبر على الذات واحترامها وعدم التقليل من شأنها عنصراً لا يمكن الاستغناء عنه في هذه المرحلة من تعلّمنا وإدراكنا لأخطائنا وذاتنا، وأنْ نعطي أنفسنا الوقت الكافي كما نعطي تفاصيل أخرى في حياتنا وقتها لتكتمل، فـ"الأنا" أيضاً لديها وقت تحتاجه كي تكتمل نفسياً وفكرياً وحتى عاطفياً.
ولتستريح نفسك أيضاً وتأخذ قسطاً من الدلال لا بأس، وإنْ أخطأت واسيها، وادعمها، لأنه من رحم الأخطاء تولد الانتصارات.
ختاماً، يمكن القول بأن كل ما تريد أنْ تنجزه في عالمك أنجزه في نفسك أولاً، فالذات شريك كل حلم إنْ أخذَتْ ما تحتاجه في رحلة نحو كمالها.