بأقلامهم >بأقلامهم
"المكان الصّحيح.. والشّكل الصّحيح"!
جنوبيات
إنّها قصّة رائعة في معناها، وعميقة في أبعادها، وجميلة جدًّا في مبناها السّلس والمنطقيّ، أخبرنيها أحد القضاة المتقاعدين، والذي تجاوز التسعين من عمره ولا زال بوعيه وفهمه ولياقته ولباقته.
فماذا تقول هذه القصّة؟
قال أبٌ قبلَ أن يموتَ لابنهِ: هذه ساعةُ جدِّ جدِّ جدِّك عمرُها أكثرُ من مئتي سنةٍ، لكن قبل أن أعطيكَ إيّاها اذهبْ لمحلِّ السّاعاتِ في أوّلِ الشّارعِ، وقلْ له أريدُ أن أبيعَها، وانظرْ كم سعرُها.
ذهبَ ثمّ عادَ لأبيه، وقالَ: السّاعاتيُّ دفعَ فيها خمسة دولاراتٍ لأنّها قديمةٌ.
فقال له: اذهبْ إلى محلِّ الأنتيكة. ذهبَ ثمّ عادَ، وقالَ: دفعَ فيها خمسة آلاف دولار.
قال الأبُ: اذهب إلى المتحَفِ واعرض السّاعةَ للبيعِ، فذهبَ ثمَّ عادَ وقالَ لأبيهِ: أحضروا خبيرًا فقيّمها، وعرضوا عليَّ مليون دولار مقابلَ هذه القطعةِ.
فقال الأبُ: أردتُ أن أعلّمكَ أنّ المكانَ الصّحيحَ يقدّرُ قيمتَك بشكلٍ صحيحٍ، فلا تضعْ نفسَك بالمكانِ الخاطئِ وتغضب إذا لم يقدّروك.
"من يعرفْ قيمتَك هو من يقدّرك، فلا تبقَ بمكانٍ لا يليقُ بك".
إنّها كلمات ممَّن اختبر الحياة في مسيرة حافلة بالأحداث بكلّ تفاصيلها المؤلمة تارةً والمفرحة تارةً أخرى.
فهل مَن يتّعظ ويتعلّم مِن الحياة دروسًا قد تفيده ليعلّمها مَن يعتبر أنّ العلم يكون من المهد إلى اللحد؟
فمن تعلّم علمًا وكتمه أُلجم في الآخرة بلجام من نار...