بأقلامهم >بأقلامهم
"على الطريق"
"على الطريق" ‎الأحد 3 09 2023 09:41 غازي العريضي
"على الطريق"

جنوبيات

ثمة "على الطريق" قلم ينتظر، مكسور الخاطر،  فقد المعلّم العَلم، رحل الأستاذ ولن يكتب بعد اليوم.

ثمة "على الطريق"  كلمات ومقالات ومواقف، وأفكار وقضايا وخفايا وأسرار، وأمانات والتزامات وثوابت، وخبرة وتجربة ومدرسة رائدة، وصوت لا يزال صداه مدوياً يهتف باسم الذين "لا صوت لهم"!!

و "على الطريق"  دم من وجه أبرز الوجوه في مواجهة مشاريع الانعزال والتقسيم والهيمنة والتسلّط وتعميم ثقافة القتل على الهوية ومواكبة الاحتلال الاسرائيلي في حصار بيروت ومحاولة إسقاط هوية لبنان العربية وتصفية القضية الفلسطينية وارتكاب المجازر في المخيمات والاعتزاز باتفاق السابع عشر من أيار.

صوت هذا الدم،  وألم الجراح استمر أقوى من أصوات طائراتهم ومدافعهم ومتفجـــراتهم لأنه كان صوت الضمير في "السـفير" جريدة المقاومة بكل مكوناتها ومحطاتها ومراحلها حتى انتصاراتها الكبيرة وتحريرها الأرض بعزّة وكرامة وبإلحاق هزيمة تاريخية بحق العدو.

و "على الطريق"  دماء شهداء لبنانيين وطنيين مقاومين فلسطينيين وعرب في كل ديار الأمة وخصوصاً في لبنان في وجه الاحتلال والاستعمار ، وشهداء كبار كانت بيروت العروبة وجمال عبد الناصر وفلسطين وكمال جنبلاط والحركة الوطنية ، ساحة جهادهم ونضالهم فسجّلوا في صفحات التـــاريخ وســجلاته مـــواقف لا تنسى وكانت " السـفير" صوتهم .

هذه هي طريق طلال سلمان وطريقته في الجهاد عليها.  وبغيابه تطوى صفحة مشرقة مشرّفة مرهقة متعبة صعبة من تاريخ لبنان وصحافته، ويفارقنا كبير في تعبه وجهده ومعرفته وثقافته وشجاعته وإقدامه وثباته على خياراته والتزاماته وصاحب مدرسة إعلامية فكرية سياسية لا تمحى آثارها بل نراها في أكثر من مكان.

والذي يكتب عموماً لا يموت ولو فارقنا جسداً فكيف إذا كان مثل طلال سلمان ؟؟
أخي وزميلي الكبير العزيز طلال ..
من الأمور الصعبة على الانسان في الحياة أن يرافق ويعيش مع من هم أكبر عمراً وقدراً وخبرة وتجربة منه ويتعلّم منهم.

أنت عشت هذه التجربة وأنا عشتها معك ومع غيرك. والمرارة اليوم أنني أودعكم واحداً تلو الآخر وأرى حال البلد على ما هي عليه. ولطالما كان هذا الموضوع الأبرز في بداية كل جلساتنا في مكتبك العامر ملتقى المفكرين والكتّاب والمثقفين والشعراء والأدباء والفنانين والسياسيين والإعلاميين والعاملين في السياسة والإعلام ، وأصحاب القضايا المختلفة من طلاب وعمّال ومزارعين ونقابيين .

في هذا المكتب سمعت الكثير وتعلمت الكثير وتألمت كثيراً في آخر لقاء لي معك وقررت – وأعتذر منك – أن لا أراك بعده في الحال التي كنت عليها.


أخي طلال
رافقت مسيرتك واطلعت عليها، من مدرسة المختارة الى الدار المختارة وزعيمها المعلم كمال جنبلاط وصولاً الى دار السفير المنارة المختارة ولقاءات كثيرة جمعتنا مع الزعيم الوطني الكبير وليد جنبلاط كانت جميلة في حيوية نقاشاتها الصعبة في غالب الأحيان لمقاربتها الأمور الصعبة بشجاعة.

وإذا كانت المحن امتحان الرجال فقد كنت رجل الرجال بقلمك وعقلك ومعرفتك في مواجهتها ونجحت .
سنبقى "على الطريق" ونعود إليك إلى أن نلتقي بك.

المصدر : جنوبيات