بأقلامهم >بأقلامهم
"في الإنتظار"ا
جنوبيات
رحم الله والدتي الأميرة الطّاهرة فقد تعلّمت منها الكثير من الأشياء، وأدين لها بالأكثر.
تعلّمت منها كتابة الخواطر على الورق لأعود إليها في مرّة أُخرى.
وذات يوم رأيتها تكتب بعض الكلمات بقلمها العطر فسألتها:
ماذا تكتبين يا روح الرّوح؟
أجابتني: لقد كتبت الآتي:
"ويبقى الأملُ الرّكيزةَ الأساسيّةَ الّتي نتّكئُ عليها ونحن على مقاعدِ الانتظارِ".
فقلت لها وما دفعك لكتابة هذه الكلمات؟
أجابتني وبلكنتها الشّماليّة المحبَّبة إلى قلبي، (وسأنقل لكم باللغة الفصحى ما قالته في ذاك اليوم الذي لن يعود، ولن أنساه ما حييت):
"ينصرفُ بنا العُمْرُ على محطّةِ الترقّبِ، منّا من يترقّبُ فَرَجًا، ومنّا من يترقّبُ شفاءً، ومنّا من يترقّبُ غائبًا، ومنّا من يترقّبُ فرحًا وسعادةً. وكلُّ ذلك يدورُ في محوريّةِ علاقتِك بالآخرِ أو مع الآخرِ. وهكذا تمضي الحياةُ دائمًا في انتظارِ أشياءَ قد تحدثُ أو لا تحدثُ.
ولكن يبقى الأملُ بعطاءِ الله وحسنِ تدبيرِه هو الركيزةَ الأساسيّةَ التي نتّكئُ عليها ونحن على مقاعدِ الانتظارِ.
لذا، فالعلاقةُ الإنسانيّةُ هي كالخيطِ والإبرةِ، والحديثُ مع النّاسِ كالخياطةِ، أنت الخيطُ وكلامُك اﻹبرةُ؛ فإن أحسنْت الخياطةَ صنعْت ثوبًا جذّابًا وغاليًا، وإن أخطأْت فلن تجرحَ إلّا نفسَك.
إنّ الأعمالَ الّتي يُتعبُك اليومَ بذرُها ويُجهدُك غدًا ريُّها ستكونُ لك حين القطافِ قُرّةَ عينٍ ولذّةً لا تنتهي.
خُلقَ الحزنُ لتعرفَ طعمَ الفرحِ، فلو لم يُخلقِ الظلامُ لما عرفْت النورَ.
تُعرفُ الأشياءُ بضدِّها دائمًا، وإن كنت قد تذوّقْت مرارةَ الكسرِ، بإذن الله ستتذوّق حلاوةَ الجبرِ.
وعليه، لا تأسفْ على دنيا سترحلُ، إنّما الأسفُ على قيمٍ ضاعَت لأجلِ دنيا".
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
(اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد، كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثمّ يهيج فتراه مصفرًّا ثمّ يكون حطامًا وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلّا متاع الغرور). الحديد: 20.
صدق الله العظيم.