بأقلامهم >بأقلامهم
المجتمع اللبناني اليوم...
جنوبيات
إذا حاولنا بشكل مقتضب توصيف المجتمع اللبناني منذ اعلان دولة لبنان الكبير، لوجدنا ثمة فارق كبير بين لبنان الأمس ولبنان اليوم، في الأمس كانت بيروت المرفأ والمتجر والمصرف والجسر وعقدة المواصلات وبوابة الشرق، واستمرت على هذا النحو الى ان بلغ الاقتصاد اللبناني أوج ازدهاره عند منتصف السبعينات ، حيث كانت الأموال تتدفق الى السوق اللبناني وبالتالي كانت المصارف تنعم بواقع مليء بالنشاط التجاري والتنموي، كما وتوالت هذه التطورات الى العهد الحريري ومحاولة إقامة الشرق الأوسط الجديد أي محاولة وضع لبنان على خارطة الإزدهار والتقدم، إلا ان الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية تبدلت واصبحنا في زمن العبء المالي والتراكم للمديونية والعجز المالي، أي ان اخفاق الطبقة الحاكمة أوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم، والوضع الإقتصادي بات يعاني ما يعانيه من واقع مستجد لا يتوافق مع التطلعات التي كانت إبان السبعينات وزمن النهوض الاقتصادي، وعليه نتساءل، من أوصل لبنان الى هذا الوضع الذي يمكن الوصف بالإنحطاط والتراجع الاقتصادي والإجتماعي؟ أهي سياسات اقتصادية فاشلة اتخذتها الرجالات التي توالت على الحكم في لبنان وبالتالي السرقات وإنتشار الفساد بين أروقة المجتمع اللبناني، أم ان النتيجة هي سوء إدارة البلاد على النحو لما كان مقرراً إبّان السبعينات ؟
في الواقع بات لبنان اليوم على رغم تنوعه مختلفاً تماماً إبان فترة السبعينات فترة التطور الاقتصادي والإجتماعي أي كما كان يطلق عليه آنذاك " سويسرا الشرق" أي لم تنجح السياسات المتعاقبة على مرّ التاريخ ولم تنجح السياسات التي كانت مقررة ، أهي عقلية السياسيين التي سادت حينها أم أن المستجدات التي وقعت دون حسبان حيث تعاقبت سلسلة من الإغتيالات لرجالات سياسية مهمة، كان لهم الدورالبارز في النهوض وفي تغيير معالم البلد . اليوم يبدو ان الوضع الحالي للدولة اللبنانية ووضع المصارف المالية انما تنذربمأزق خطير ومستقبل غامض لا أفق للحلول او تغيير مسار، فبعد ان كانت أموال المغتربين تغدق الأسواق اللبنانية وتساهم في مراكمة الأرباح وبالتالي تنشيط الحركة التجارية ، باتت المصارف اليوم حتى عاجزة عن استرداد للمواطنين عائداتها ، أي ان المقاربة فقط من حيث وضع المصارف تجعلنا امام مفارقة كبيرة بين الأمس واليوم ، فهل ما وصلنا إليه كان متوقعاً او منتظراً أم ان الواقع وتوالي العقبات والأزمات الإقتصادية هي التي أوصلت لبنان الى هذه النتيجة التي نحن عليها اليوم ؟
أيمكننا إزاء هذا الواقع القول ان لبنان يمرّ بعصر الإنحطاط الحضاري أي التراجع الإقتصادي والإجتماعي لآلاف الأميال ومن ثمّ دولة عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الحقوق لمواطنيها، هنا نتساءل أين نحن من السياسات الاقتصادية المتعاقبة أهي كانت نتيجة لعقلية إجرامية بالدرجة الأولى أم ان الواقع فرض نفسه بكل ما يعتريه من عيوب ونواقص وانحدار للقيم الاجتماعية ، هل ان الصعود المهيب ابان السبعينات أدى الى هذا الإنحدار والسقوط في براثم الفساد والمديونية وتراجع للمصارف والوضع الاقتصادي والإجتماعي ؟
واقعياً نحن امام مشهدية لمجتمع بات يئن وجعاً بكل مؤسساته الإجتماعية والإقتصدية أي بتنا نحتاج الى إعادة بناء لمجتمعنا اللبناني ومؤسساتنا وللبنى المجتمعية، أي نحتاج الى انقلاب على الواقع المستجد بكل معالمه وواقعه البائس ، لذا لا بد ان يبدأ التغييرمن المواطن نفسه الذي يشترك في المسؤولية لما وصل ما وصل عليه لبنان اليوم، فقرار التغيير يبدأ من النفس ومن ثم تنتشر إنعكاساته وتنشطر في المجتمع، لذلك يبدو ان تبنّي عقلية تغييرية وتطورية تعيد للبنان فترات ازدهاره وتضعه على سكة التطور الاقتصادي والإجتماعي.
http://hibaa79@hotmail.com