عربيات ودوليات >اخبار عربية
"مشاهد تدمي القلب".. ليبيا تواصل البحث عن قتلاها ومفقوديها بعد أسبوع على الفيضانات
الأحد 17 09 2023 17:58جنوبيات
بعد أسبوع على الفيضانات المدمّرة التي حصدت آلاف القتلى في مدينة درنة على سواحل شرق ليبيا، تواصل أجهزة الإسعاف الليبية بمساندة فرق أجنبية الأحد البحث عن آلاف المفقودين جراء الكارثة.
وأكدت مراسلة فرانس برس في درنة، أن كل المشاهد في المدينة التي كانت تضم 100 ألف نسمة تخبر بأن كارثة مرّت من هنا: جسور مشطورة نصفين، سيارات منقلبة وشاحنات محطمة، أعمدة كهرباء وأشجار مقتَلعة من جذورها، وأغراض شخصيّة ممزوجة بالطين، حتى أن لون مياه البحر بات بنيًّا.
وقال الليبي محمد الزاوي (25 عامًا) الذي يقطن في منزل قريب من الشاطئ في درنة لفرانس برس إنه رأى ليلة الكارثة "جرفًا كبيرًا من المياه يجلب معه سيارات، وناساً، وأغراضاً، وناساً داخل سيارات، ثم صبّ كل شيء في البحر".
وأعلن وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبد الجليل في آخر حصيلة أوردها السبت سقوط 3252 قتيلا، في حين حذرت منظمات إنسانية دولية ومسؤولون ليبيون من أن الحصيلة النهائية قد تكون أعلى بكثير بسبب عدد المفقودين الكبير والذي يقدّر بالآلاف.
وكرر عبد الجليل متحدثاً للصحافيين في درنة، أن وزارته وحدها مخولة إصدار أعداد القتلى، مشددا على أن الأرقام المرتفعة التي توردها مصادر أخرى لا صدقية لها.
ونفى متحدث باسم الهلال الأحمر الليبي أن تكون حصيلة الفيضانات التي ضربت مدينة درنة قد بلغت 11,300 قتيل، بعدما كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أورد هذه الحصيلة، ناسبا الأعداد الى الهلال الأحمر الليبي.
وقال المتحدث توفيق شكري لوكالة فرانس برس من مدينة بنغازي في شرق البلاد "نحن للأمانة نستغرب الزج باسمنا في مثل هذه الاحصاءات ونحن لم نصرّح بهذه الأرقام"، معتبرا أنها "تربك الوضع وخصوصاً ذوي الناس المفقودين".
"رأيت الموت"
ضربت العاصفة دانيال في 10 أيلول شرق ليبيا مصحوبة بأمطار غزيرة فتسبّبت بانهيار سدّين في أعلى درنة، ما أدى إلى فيضان النهر الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة فتدفقت مياه اشبه بتسونامي جارفة معها كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق وموقعة آلاف القتلى.
وتعلن فرق الإغاثة الليبية والأجنبية يومياً العثور على جثث، لكن أطنان الوحول التي طمرت قسماً من المدينة تجعل عمليات البحث شاقة.
وشاهد مسعفون مالطيون يساعدون الليبيين في عمليات البحث في البحر، مئات الجثث في خليج، على ما أفادت صحيفة "تايم أوف مالطا"، من دون أن تحدد الموقع بدقة.
ووسط الخراب الذي عم المدينة، يتم انتشال جثث كل يوم من تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو من البحر ودفنها.
وبحسب السكان، طمر معظم الضحايا تحت الوحول او جرفتهم المياه الى البحر المتوسط.
وقال محمد عبدالحفيظ (50 عامًا) لفرانس برس وهو لبناني يعيش منذ عقود في درنة، "رأيتُ الموت لكن للعمر بقية".
وروى أنه كان نائمًا عندما شعر بأن "الدنيا هزّت"، مؤكدا أنه اعتقد أن هزة أرضية تحصل. وأضاف "خرجتُ إلى الشرفة فرأيتُ المياه قد وصلت إلينا" علما أنه يقطن في الطابق الثالث.
وأفادت مراسلة فرانس برس بأنه "في الشوارع المجاورة للشاطئ، لم يبقَ شيء في مكانه: أحذية وملابس متناثرة، وأثاث منقلب من المنازل على أجزاء صامدة من جسر شبه مدمّر".
"أصعب بكثير"
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي بعد زيارة لدرنة السبت "عاينتُ الدمار الذي خلفته الفيضانات في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، إنها مشاهد تدمي القلب نظراً لحجم الكارثة التي شاهدتها عن قرب". وشدّد على أن "هذه الأزمة تتجاوز قدرة ليبيا على إدارتها، وتتجاوز السياسة والحدود".
وما يزيد من صعوبة أعمال الإغاثة الفوضى السياسية وحالة الانقسام التي تسود ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
وتتنافس على السلطة في البلد حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي لشبكة "بي.بي.سي" متحدثاً عن إرسال فرق إغاثة "لا يتعلق الأمر فقط بإرسالها. يجب أن تتم استضافتها في البلاد، ويجب أن تحظى بالخدمات اللوجستية اللازمة، وأن تكون قادرة على الوصول إلى المكان الصحيح. يجب أن تكون على اتصال بالسلطات... والكثير من هذه الأمور غير متوافرة (في الشرق الليبي) ما يجعل الأمور أكثر صعوبة".
وإزاء جسامة الكارثة، تبقى التعبئة الدولية قوية. وتتواصل حركة الطائرات التي تحط في مطار بنينا في بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، وعلى متنها فرق إغاثة ومساعدة من منظمات دولية ودول أجنبية.
وأرسلت موسكو 35 طبيب طوارئ ومساعدة انسانية الى المنطقة المنكوبة، بينما يقيم 53 من عناصر الإنقاذ الفرنسيين "بنية طبية جراحية بالقرب من درنة لتصبح جاهزة للعمل في الأيام المقبلة".