بأقلامهم >بأقلامهم
"شعاراتٌ وهميّة"!
جنوبيات
من فترة وجيزة شاهدت على التّلفاز أحد كبار السنّ (أمام المصرف) يبكي بحرقةٍ ويقول بتنهيدة عميقة ممزوجة بالألم: "بئسَ الزّمنِ الّذي نشحذُ فيه جنى عمرِنا!"
يومًا بعد يومٍ يتبيّنُ لنا أنّ أجدادَنا كانوا أوعى بكثيرٍ من هذا الجيلِ، حتّى أثناءَ ظهورِ العملةِ الورقيّةِ، ظلّوا يتعاملون بالذّهبِ. فيشترون اللّيرات الذهبيّةَ سواءَ أكانت إنجليزيّةً أم رشاديّةً عثمانيّةً، ويخبّئونها في مكانٍ آمنٍ. أضفْ إلى ذلك شراءَهم العقارات على أنواعِها. وكان أهلُ المدنِ منهم على الأخصِّ يمارسون التجارةَ والاستثمارَ بشكلٍ يؤمّنُ لهم الاستقرارَ في معيشتِهم.
لقد تبيّنَ اليوم أنّ المصارفَ كذبةٌ كبيرةٌ، وأنّ الناسَ (الطيّبين منهم) انخدعوا خدعةَ العمرِ على يدِ أشهرِ مافياتِ الأموالِ، من خلالِ خطّةٍ محكمةِ التّنفيذِ للاستيلاءِ على أموالِ الشّعبِ المسكين. وبتغطيةٍ من بعض السياسيّين الفاسدين (في عتمةِ ليلٍ بهيمِ).
فرحَ المواطنُ بزيادةِ الفوائد، فجمعَ "تحويشةَ عمرِه" ووضعَها في سلّةِ بنوكِ النّفاقِ والشّقاقِ وسوءِ الأخلاقِ. وما أن لاحَت الفرصةُ السانحةُ حتّى انقضّوا انقضاضَ الذّئبِ على الشاةِ، فسرقوا وسلبوا ونهبوا لا حسيبَ ولا رقيبَ. وعندما بادرَ النائبُ العامُّ الماليُّ إلى الحجز على المصارف، وحصص اصحابها (بصرفِ النّظرِ عن الأبعادِ القانونيّةِ للقرارِ،وجدليّةِ صوابيتِه أو عدمِها، "وإن كنت أميلُ الى إنفاذِه".) ثارت ثائرةُ الغيارى على القطاعِ المصرفيِّ، فضغطوا على القضاءِ لوقفِ تنفيذِ القرار بسرعةٍ قياسيّةٍ فاقت مواقيتَ الصّلاةِ.
وللأسفِ الشّديدِ هرّبَ البعضُ أموالَهم (وعلى رأسِ هؤلاء أصحابُ المصارفِ الّذين هرّبوا أموالَهم إلى الخارجِ) فأهلُ مكّة أدرى بشعابِها!
وعندما قامَ بعضُ القضاةِ الشّرفاءِ بالحجزِ على بعضِ المصارفِ ومنعِ أصحابها من السّفرِ، هاجت ثلّةٌ من المنتفعين وماجت، فجرى فسخُ القرارات، وذهبَ بعضُها إلى التّمييزِ، "ومن يعشْ يرَ قرارات توحيدِ الاجتهادِ!" على أملِ ظهورِ صقور العدالةِ ليبطشوا بيدٍ من حديدٍ على رؤوسِ الفاسدين. (ولنقلْ جميعُنا.. آمين).
شعاراتٌ وهميّةٌ ذهبت أدراجَ الرّياحِ في صباحِ الحقوقِ ومساءِ العقوقِ!
معًا لراحةِ البالِ...
لضمانِ المستقبلِ ...
الأمان على مرِّ الزّمانِ...
احفظْ مالَك لعيالِك...
استفِدْ أنت والحفيدُ..
مع مصرفِنا ستعيشُ فرحةَ العيدِ...
ووو إلى آخرِ الاسطوانةِ الطنّانةِ، والرنّانةِ. "وما بين حانا ومانا ضاعت لِحانا".
أيّها القضاءُ أنت أمامَ امتحانٍ مفصليٍّ، لتحميَ الشّعبَ المسكين... والتاريخُ سيكشفُ زيفَ الظّالمين، وسينصفُ رحى العادلين...
وللاستعارةِ: اضرب والريح تصيح، اضرب يا حامي الدار (والدارُ هنا دار ُالعدالةِ، والعدلُ أساسُ الملكِ)، ولمصارفِ الدّهشةِ نقول:
خدعتُكم لن تنطلي على الحصيفِ والشّريفِ والمنيفِ... تريدون تخليصَ النّاسِ من الدّولارات من خلال شرائِها بأبخسِ الأثمانِ وبيعِها لفلانٍ وعلّانٍ تحت عنوانِ "السوقِ السوداءِ".
بالله عليكم أين هي السوقُ البيضاءُ؟!
ويا قاضمي العملةَ (والمفروضُ قانونًا أنّها مغطّاةٌ بالذّهبِ)، والخوفُ إذا كان الذهبُ "ذهبَ "...
أقول:
قاتلَكم اللهُ أنّى تؤفكون... وفوّضنا بكم ربَّ العالمين القادرَ المقتدرَ...
فليراتكم كشفَت دولاراتكم!
وأختمُ بقولِه تعالى: "وسيعلمُ الّذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون".
صدق الله العظيم.