قال وفي قلبه مسحة من حزن عتيق: "في حنايا الرّوح سكنت ذكريات جميلة أسعدتنا يومًا، ذهب أصحابها ولن يعودوا أبدًا، وكأنّ الحياة تُخبرنا بأنّه ما مِن شيء جميل يبقى إلى الأبد".

قلت: 
"ابتسم، فكم من ابتسامة مسحت همًّا. وتفاءل، فكم من تفاؤل أبعد غمًّا. وأحسن الظنّ بالله وتوكّل عليه، فإنّ بعد العسر يسرًا".
نحن لم نأخذ من الحياة عهدًا بأن تبقى لنا ضاحكة على الدّوام، بل هي قدّمت لنا دروسًا على طبق ثمين. 
وإنّ لكلّ شيء ثمين مقابلًا من عمل. "فمن يعمل مثقال ذرّة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرًّا يره". 
وإنّه كلام ربّ عظيم. 
يقول الله تعالى في محكم التّنزيل: "وألقيت عليك محبّة منّي".
أعظم الحبّ هو الذي يكون من الله.
 فإن أحبّك الله أسعدك، ونصرك، وأجاب دعاءك، وأزال همّك، وأزاح غمّك، وألقى في قلوب النّاس حبّك. 
نسألك اللهمّ بقدرتك التي حفظت بها يونس في بطن الحوت، ورحمتك التي شفيت بها أيّوب بعد الابتلاء، أن لا تبقي لنا همًّا ولا حزنًا ولا ضيقًا ولا سقمًا إلّا فرّجته. 
وإن أصبحنا بحزنٍ فأمسِنا بفرح، وإن نمنا على ضيقٍ فأيقظنا على فرج، وإن كنّا بحاجةٍ فلا تكلنا إلى أحدٍ سواك.
اللهمّ إنّك لا تحمّل نفسًا فوق طاقتها فلا تحمّلنا من كرب الحياة ما لا طاقة لنا به، وباعد بيننا وبين مصائب الدّنيا كما باعدت بين المشرق والمغرب.
الحمد لله الذي تواضع كلّ شيء لعظمته.
الحمد لله الذي استسلم كلّ شيء لقدرته. 
الحمد لله الذي ذلّ كلّ شيء لعزّته.
الحمد لله الذي خضع كلّ شيء لملكه.
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه.
يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. سبحانك لا نحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك. 

القاضي م جمال الحلو