بأقلامهم >بأقلامهم
هذا فصل من فصوله
جنوبيات
نُشر هذا المقال بتاريخ 22 تشرين الأول 2015
نتانياهو: حقد وشر
أقل ما يمكن أن يقال برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إنه: إرهابي مجرم. كذاب. منافق. مزور. مشوه للحقائق. حاقد بشكل رهيب. هو مستعد لتبرئة حرق اليهود في أبشع عملية في التاريخ الإنساني لتكريس استمراره في حرق الفلسطينيين أطفالا ورجالا ونساء وفي إبادتهم جماعيا وإعدامهم إفراديا!! مستعد لتبرئة النازيين الذين يحذر من ظهورهم مجددا هنا وهناك فقط لتصفية حساباته والاستمرار في قتل الفلسطينيين!! مستعد لنسف السبب الذي برر قيام إسرائيل على أرض الفلسطينيين بعد حرق اليهود على يد النازيين، وتجاوز هذا الأمر، لتكريس وجود إسرائيل وجعلها دولة يهودية بالكامل. قد يكون من أخطر الذين مروا في إسرائيل دون التقليل من جرائم كل من سبقه من قادة عصابات هذا الكيان الغاصب. نتانياهو هذا هو ابن المؤرخ بنوتسي. يزور التاريخ ويحمل الحاج أمين الحسيني مسؤولية إقناع ودفع هتلر إلى ارتكاب المحرقة بحق اليهود عندما قال أمام المؤتمر الصهيوني العالمي في القدس: "إن النازيين لم يتطلعوا إلى إبادة اليهود وإنما كانوا سيكتفون بطردهم، غير أن مفتي القدس الحاج أمين الحسيني هو من أوعز لهتلر بفكرة الإبادة" وأضاف: "هتلر أراد طرد اليهود من ألمانيا فقال له الحسيني: إنهم في هذه الحالة سيتدفقون على فلسطين وهذا يسيء للفلسطينيين". فسأله هتلر: "وماذا أفعل بهم"؟؟ فأجاب: "أحرقهم".
الحقد، جعل نتانياهو يتجاوز الحقائق والتاريخ وأساس الرواية الإسرائيلية لقيام دولته وإرهاب عصاباته وأسلافه ورفاقه!! أقلقوا العالم بالحديث عن الهولوكوست كفعل عن سابق تصور وتصميم أقدم عليه هتلر. وتحدثوا عن النازية وخطرها. واتهموا باللاسامية كلا من لا يوافقهم الرأي. واليوم جاء ابن المؤرخ لينقلب على تاريخه ويزور الحقائق!!
زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتسوغ قال: "مثل هذا القول يتلقفه كل من ينفي الهولوكوست كما يضعنا في نزاع مع الفلسطينيين!! لن يلقنني أحد مدى ما كانت عليه كراهية المفتي لإسرائيل، فهذا أمر بقتل جدي الحاخام هرتسوغ وهو من دعم هتلر ولكن هتلر كان هتلر وهو الذي ألف كتابة المقزز كفاحي في كانون الثاني 1939 أي ثلاثة أعوام قبل لقائه بمفتي القدس وكان قد ألقى آنذاك خطاب أمام البرلمان الألماني عرضا من خلاله فكرة بشأن الحل النهائي"!! وأضاف: "إن معسكر الإبادة النازي الأول كان قد أقيم قبل لقاء هتلر بمفتي القدس بأشهر عدة. ولم يكن هتلر بحاجة إلى نصيحة المفتي ليوعز له بقتل اليهود ولكونهم يهودا وحسب"!!
المؤرخ اليهودي المختص بالنازية ورئيس معهد البحوث حول الكارثة في جامعة بار إيلان الإسرائيلية البروفيسور دان مهمين قال: "ادعاءات نتانياهو غير صحيحة البتة لأن اللقاء الأول بين هتلر والحسيني كان بعد فترة طويلة من طرح فكرة إبادة اليهود وبأفران الغاز"!!
هذا هو نتانياهو. يبرئ هتلر من قتل ستة ملايين يهودي ليبرر لنفسه قتل الفلسطينيين الأبرياء المحتلة أرضهم!! الرئيس محمود عباس الذي اتهمه نتانياهو وأركان عصابته بأنه "سفاح" و "حاخام الإرهاب" ودعا بعضهم إلى تصفيته إذ "بات عليه أن ينصرف" دعا يهود العالم "إلى الرد على نتانياهو". وهذا أمر بدأ قبل أن يقول أبو مازن كلمته. لكن من المهم أن يذهب المؤرخون والمفكرون والكتاب والسياسيون العرب والمسلمون إلى الوقوف عند هذا الكلام وبناء موقف أكاديمي علمي سياسي دبلوماسي إعلامي عليه، لفضح السياسة الإسرائيلية وإدانتها وكشف حقيقة الموقف الإسرائيلي الذي يعبر عنه نتانياهو. كما أن الأوروبيين وما يسمى المجتمع الدولي، مدعوين إلى موقف من هذه المزاعم الإثبات التي تعبر عن شخصية نتانياهو. وهذه مناسبة لتوجيه تحية جديدة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي استقبلت نتانياهو بعد ساعات من موقفه الفضيحة. فقد أصدرت الحكومة الألمانية بيانا شجاعا قالت فيه: "ألمانيا وحدها تتحمل مسؤولية مشروع الإبادة النازي ولا مكان لتغيير هذا التقويم"!!
إنه موقف شجاع أخلاقي إنساني كبير وإدانة لنتانياهو. وحتى كتابة هذه السطور لم يكن ثمة موقف عربي أو إسلامي قد صدر!! وإذا صدر شيء لاحقا فلن يتجاوز حدود رفع العتب للأسف. نحن غارقون أيضا في أحقادنا التي تعمي بصائرنا. لكن فلسطين تبقى فلسطين. حق لن يموت. ما دام ثمة رجال وأبطال أصحاب إرادات قوية على أرضها يؤمنون بها ويدافعون عنها.
التاريخ ليس لعبة. وليس رواية تحتمل خيالا. التاريخ وقائع وحقائق تحتمل نقاشا حول أسبابها وجذورها. والتاريخ قراءات ومواقف وقرارات وخطط وحروب أحيانا ومواجهات ومعارك سياسية أحيانا تحتمل نقاشا حول صحتها وإدارتها ونتائجها ولكنها لا تتجاوز الحقائق والوقائع في أي موقع من المواقع!!
نتانياهو يتصرف وكأنه مخلوق استثنائي على أرض مميزة بين أبناء "شعب الله المختار" لا يحمل إلا الشر في قلبه وعقله!!