بأقلامهم >بأقلامهم
"التطبيل والتزمير"!
جنوبيات
يُروى في سالف العصر والأوان، وفي زمن النّفاق والخذلان، أنّ شاعرًا منافقًا دخل عشيّة يوم على أحد الأمراء وقال له: صباح الخير!
فأنكر الأمير قوله وأجابه غاضبًا:
أتهزأ بي يا هذا لتصبّحني في المساء!
فعرف الشّاعر خطأه فأنشد على البديهة قائلًا:
صبّحتُه عند المساء فقال لي
أتهزأ بقدري أم تريد مزاحا
فأجبتُه إشراق وجهك غرّني
حتّى توهّمت المساءَ صباحا
عندها اهتزّ الأمير في مجلسه وتمايل طربًا لأبيات هذا الشّاعر وأجزل له في العطاء.
وكان ذاك التاريخ بداية ما يُعرف بالتطبيل والتزمير.
ومن يومها ازدهر النفاق، وفسدت الأخلاق، وضاعت حقوق العباد عند بلاط حكّام الاستبداد الذين يجزلون العطاء لمن ينافقهم، ويسدّون أبواب الخير عمّن يصارحهم بقول الحقّ.
وبكلمة ممزوجة بحبر الآلام:
"إنه النّفاق..وكرم الحكّام"
ألا سحقًا لزمن صار فيه النّفاق محطّة لعطاء اللئام، وأصبح فيه الكرام يعيشون الحرقة والآلام، وأضحى قول الحقّ غير مسموع، والباطل في قلوب الحكّام مطبوعًا. وصار كلّ ممنوع مرغوبًا، وكلّ ما هو مطلوب لحسن العيش مقلوبًا بسحر الطيش.
أعاننا الله على الصّبر والسّلوان، وعسى أن نحيا لنرى مجدّدًا قيامة لبنان ...