قبل أن نتناول قصّة هذه المقولة الشّهيرة، نلفت النّظر إلى أنّ مقتضى وجودها يعود لعبارة لاتينيّة مفادها : "Et tu, Brute?"، وهي تعني "حتّى أنت، يا بروتس؟ ".
والعبارة مشهورة كونها وردت في مسرحيّة وليم شكسبير (يوليوس قيصر). وموضوع هذه العبارة التاريخيّة يتمثّل بالخيانة غير المتوقّعة من أقرب المقرّبين، والمفترض أنّهم مؤتمنون على حفظ الودّ والعهد.
وبمعنى أدقّ، تتمثّل محوريّة القصّة بالطّعنة التي لم تكن لتتوقّعها على الإطلاق.
ومناط القصّة يرتبط بالطّعنة التي تمّ تصنيفها من أبشع الطّعنات وأغربها التي أدّت إلى أقبح عمليّة اغتيال في التّاريخ. إنّها لحظة اغتيال يوليوس قيصر، وقد كانت عصيبة وصعبة عليه عندما خانه كلّ من وثق بهم، فاتّفقوا على أن يقتلوه.
في ذاك الوقت، "في الاجتماع القاتل"، انهال الجميع عليه بالطعنات المدمية، وقيصر ما زال واقفًا (رغم كلّ الطّعنات في جسده) ويترنّح...حتّى رأى صديق عمره بروتس يتقدّم إليه، فظنّ القيصر أنّ بروتوس متقدّم لإنقاذه، بيد أنّه تفاجأ بطعنة هذا الأخير القاتلة والموجعة جدًّا. وهنا قال يوليوس قيصر جملته الشهيرة:
"حتّى أنت يا بروتس!".وسقط القيصر ميتًا.
لقد كانت طعنة بروتس هي الطّعنة القاتلة، فهي أصابت يوليوس في شخصه وآماله قبل جسده.
إنّها الخيانة التي تُعدّ من أكبر الإشكاليّات التي يحاول علم النفس دراستها وتمحيصها وتحليل أسبابها.
عذرًا "وليم شكسبير"!
إنّ الخيانة التي تعرّض ويتعرّض لها الشّعب اللبنانيّ، لهي أكبر وأدهى بكثير ممّا تعرّض له يوليوس قيصر على يد بروتوس!
إنّ ما يتعرّض له الشّعب اللبنانيّ على يد جلّاديه من دهاة السّياسة المقيتة، وعلى الصّعد كلّها والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة والصحّيّة والنفسيّة، لهو أخطر بكثير من طعنات الغدر والخيانة على يد زبانية العصر والأوان...
لذا... يستتبع القول وبالفم الملآن:
"حتّى أنتم يا قاتلي الشّعب اللبنانيّ"!
إنّهم بعض السّاسة والسّياسيّين الذين امتهنوا تعذيب اللبنانيّين...
إنّها السّاديّة بأبشع صورها!