هذه القصّة سمعتها من(صديق الوالد طيّب الله ثراه) السّيد حسن زيدان(أبو محمد) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته...
يُروى أنّه ذات يوم دعا والي الكوفة جحا إلى مجلسه للاستماع إلى آخر الأخبار، "لأنّ جحا كان من ندمائه" ويتمتّع بخفّة الظلّ (ولديه الكثير من النّوادر المضحكة).
وعندما جاء جحا إلى الوالي دخل ومعه حماره، فقال له الوالي:
لقد دعوتك وحدك يا جحا، فلما أدخلت حمارك؟
نظر جحا إلى الوالي "نظرة تعجّب" وقال له:
هذا ما جاء بي إليك.
حاول الوالي تفهّم الأمر وتلقّف الموقف، فقال:
"يا جحا إنّي أطلب منك أن تصنع لي أمرًا أعطيك عليه أجرًا".
فقال جحا:
أستطيع أن أعلّم هذا الحمار القراءة والكتابة خلال عشر سنوات!
فردّ الوالي:
عشر سنوات؟
فقال جحا مؤكّدًا: نعم أيّها الوالي إن تأذن لي سأفعل وسترى موهبتي. عندها أعطاه الوالي أجرًا مسبقًا على ذلك "لغرابة الأمر لديه".
وعندما همّ جحا بالخروج هو وحماره اقترب إليه أحد أفراد الحاشية عند الملك، وقال له:
ويحك يا جحا أتسخر من الوالي؟ فقد يعاقبك إن لم تفِ بما وعدت به!
فهل بإمكانك أن تعلّم الحمار؟
فردّ عليه جحا:
"ويحك أنت، لقد قلت له عشر سنوات". وهذا يعني أنّه خلال هذه المدّة، قد يموت الوالي، أو يموت جحا، أو يموت الحمار. فلا أحد يستطيع تعليم الحمار، ولكنّها مدّة كافية لحصول ما أشرت إليه.
وعليه،
وفي ظلّ حكم السّاسة المرّ، والأيّام التي تمرّ، ولا نعرف أين المفرّ، وليس بإمكاننا التكهّن لمعرفة الممرّ الآمن إلى حيث المستقرّ، نسأل السّؤال البريء:
هل يمكننا التعلّم من تجارب الماضي؟ فإن كان الجواب "نعم" سلكنا طريق الخلاص، وإن كان الجواب "كلّا"، فلنغنِّ جميعنا أغنية فهد بلّان:
"يا بنات المكلاّ يا دوا كلّ علّة"
كي لا نقع في "مصيدة جحا"!
والشّاطر يفهم حسبما يقول المحامي المخضرم الأستاذ نامي منصور...