الإدارة الأميركية بكل طواقمها ورموزها من الرئيس بايدن الى فرق العمل المستنفرة لنصرة "اسرائيل" والمسخّرة إمكانات الشعب الأميركي لخدمتها وحمايتها وضمان تفوقها الاستراتيجي في المنطقة، بائعو أوهام ومروّجو تضليل، بعضهم يبيع نفسه الأوهام والتضليل والغالبية تبيع العرب خصوصاً وما يسمى المجتمع الدولي هذين "المنشّطين" المدمّرين.
مع بدء المرحلة الثانية من الحرب على غزة، وعلى قاعدة هول الكوارث ومجازر الإبادة الجماعية وتدمير المستشفيات والمؤسسات واعتماد سياسة الأرض المحروقة في الشمال والسقوط الاسرائيلي المدوّي إعلامياً والتبنّي الأميركي لكل الأكاذييب والمزاعم والروايات التي اختلقها العدو منذ بداية عملية طوفان الأقصى، والفضائح التي طوّقته لاسيما بعد انكشاف قتل المئات من المشاركين في الحفل الذي كان يقام في 7 أوكتوبر وتعميم صور الجثث المحروقة على الشاشات العالمية بسبب قصف الطيران الاسرائيلي وبالتالي لم يموتوا على أيدي جماعة "حماس"، إضافة الى استهداف مناطق في المستعمرات وقتل مستوطنين فيها وتدمير منازلهم وقتل عشرات من الجنود والأسرى بـ "النيران الصديقة"، بعد كل ذلك كرّر الرئيس بايدن تحذيراته لاسرائيل من "فقدان صدقيتها" وإلحاق الأذى بسمعة أميركا ونبّه الى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أوضاع المدنيين لتخفيف المعاناة عنهم والسماح بإدخال المساعدات إليهم والتركيز على "حماس" بشكل خاص ودقيق والعمل على "حل الدولتين".
وفي الساعات الماضية اجتمع جايك سوليفان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ورون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتانياهو وأقرب المقربين إليه وصدر بيان جاء فيه:
1 – "الانتقال الى مرحلة جديدة في الحرب والتركيز على أهداف حمساوية مهمة".
2 – "التركيز على الخطوات العملية لتحسين الوضع الإنساني وتقليل الأضرار على المدنيين".
3 – "تطلب أميركا أن يولي الجيش الاسرائيلي في عملياته العسكرية في غزة الأولوية "للضربات الجراحية" التي توقع أقل عدد ممكن من الضحايا المدنيين".
4 –"الاستعداد لليوم التالي ( لإنهاء الحرب ) بما في ذلك مسائل الحكم والأمن في غزة وإيجاد أفق سياسي للفلسطينيين ومواصلة العمل على "التطبيع"!! وهذا هو الهدف الاستراتيجي).
أين نحن من كل ذلك ؟؟
الخطوات العملية لتحسين الوضع الإنساني تجسّدت تشديداً في الحصار منعاً للمساعدات من الوصول الى الغزّيين المشردين الذين يتهافتون بشكل مذلّ على الطحين الواقع على الأرض، ونقطة المياه ولقمة العيش وكل ذلك أمام عيون العالم، إضافة الى استمرار قتل المدنيين عمداً واعتقال أعداد كبيرة منهم وتدمير البنى التحتية والمستشفيات والمؤسسات واستهداف مدارس ومستوصفات الأونروا، وعدم الاكتراث لنداءات الحلفاء وقرار مجلس الأمن الذي حمت به اميركا اسرائيل باستخدام حق الفيتو ومنـــع إدانتها مقابل "وهم" إيصال المساعدات الى المدنيين. ثم أطلق حزب الليكود موقفه المعبّر عن الهدف الاستراتيجي لرئيسه نتانياهو بالعمل على تهجير "الغزّيين" الى الخارج.
وبالتالي هم يخيّرون الفلسطيني بالموت: "جوعاً" أو "إعداماً في الشوارع" أو في "السجون" أو بالرصاص والقذائف الأميركية أو بنزف دمائه واستنزاف حياته وحرمانه من أبسط حقوقه أو "باقتلاعه من أرضه".
وآخر إبداعات نتانياهو موقفه في صحيفة ال "وول ستريت جورنال" الأميركية الذي قال فيه يجب إزالة المجتمع الفلسطيني جذرياً".
هل قرأ المسؤولون الأميركيون هذا الموقف؟؟ هل ينسجم مع مواقفهم الإعلامية؟ ومع من سيحقق حل الدولتين إذا أزيل المجتمع الفلسطيني؟ وهل اطلع هؤلاء على حقائق الوضع الصحي والإنساني للنساء والأطفال في غزة؟
- "180 نازحة تلد يومياً في ظروف غير آمنة وغير إنسانية".
- "900 ألف طفل نازج يعانون من خطر الجفاف والمجاعة وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية وفقر الدم".
- "50 ألف سيدة حامل في مراكز الإيواء بلا غذاء ولا رعاية صحي ".
- "70 % من مرضى الفشل الكلوي يتعرضون لمخاطر صحية كارثية نتيجة القصف والنزوح وصعوبة وصولهم لخدمة غسيل الكلى ".
- دمّرت "اسرائيل"مستشفيات غزة وتركت 800 ألف نسمة فيها بلا خدمات صحية مما يعرّض الجرحى والمرضى والنساء والحوامل والأطفال الرضع للموت.
وهل سمع قادة ومسؤولو البيت الأبيض ما قالته فرانشيسكا ألبانيز المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين: "الإبادة الجماعية التي تشهدها غزة ترتكب بإذن من العالم على مرأى ومسمع منه كما سبق أن حصل في سربرنتيسا ورواندا والمجازر المرتكبة بحق الأطفال يقوم بها مرتزقة أجانب من دول عدة ولكن لا أحد يصف هؤلاء بالإرهابيين أو يدعو لمحاكمتهم ومحاسبتهم" ؟؟
إن حكومة نتانياهو التي تتحدث عن "إعادة الرهائن" ويتضامن معها كثيرون تحت العنوان نفسه تستمر بالعدوان وتأخذ كل أبناء غزة والضفة رهائن وتبتز بهم العالم لتهجيرهم واستيعابهم في دول معينة والسيطرة على كل فلسطين . أما في أراض ال 48 حيث "الدولة القومية اليهودية" فالعرب رهائن أصلاً محر؟ومون من حقوقهم ويمارس عليهن باسم القانون التمييز العنصري.
فما هو الأفق الذي يجب أن يفتح للفلسطينيين كما يزعم الأميركيون.
للبحث صلة في الجواب عن هذا السؤال وعن تمسّك شعب الجبّارين بأرضهم فلسطين!! وعن التطبيع والمطبّعين الذين لم يقولوا كلمة رداَ على أهداف نتانياهو وأميركا.