من عالم الفيزياء والتدريس إلى عالم السياسة والكتابة والإعلام غازي العريضي سياسي وكاتب ونائب ووزير سابق شغل عدة مناصب وزارية في حكومة الراحل رفيق الحريري ثم فؤاد السنيورة.
انضم مبكراً إلى "الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة وليد جنبلاط في جرابه عديد المؤلفات حول الشأن اللبناني والعربي بينها "العرب بين التغيير والفوضى" و"فلسطين حق لا يموت" و"عولمة الفوضى" وغيرها من العناوين..
مع دخول الحرب في غزة يومها المائة كان للعريضي حوار مع "الصباح" وقد اعتبر محدثنا أن ما يحدث في غزة اليوم عار على الإنسانية جميعا وشدد على أن القوى الكبرى اليوم تشن حربها على الكوفية واليافطات الفلسطينية والشعارات الرمزية وكل الأصوات الرافضة للحرب والمؤيدة للحق الفلسطيني وقال محدثنا حتى الآن لم تتمكن "إسرائيل" من تحقيق أهدافها.. ولكن غازي العريضي حذر من انه إذا تمكنت "إسرائيل" من تحقيق أهدافها فان ذلك يعني أن الفلسطينيين لن يكونوا وحدهم رهائن لديها ولكن العرب جميعا سيكونون في موضع الرهائن وسيكون من الخطأ أن يعتبر احد انه محصن من ذلك وقال أصبح العرب مجرد مساحات جغرافية لا موقف ولا قرار لهم.
كما اعتبر العريضي أن للعرب إمكانيات كبيرة لو أنهم حسّنوا شروط التفاوض وحددوا خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها وخلص محدثنا إلى انه لا مصلحة لأمريكا في توسيع الحرب وانه من الأوهام التعويل على ناتو عربي يحمي الدول العربية. وقال إسرائيل سقطت وهي بحاجة للحماية وهذا ما تأكد بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر حيث سقطت استخباراتها وأجهزة التنصت لديها وشدد على أن القضية الفلسطينية تحمينا وليس العكس ولكن علينا أن نكون في الجانب الصحيح للقضية..
فيما يلي نص الحديث:
* 100 يوم تمضي على العدوان الإسرائيلي المفتوح على أهالي غزة إلا تعتقد أن التحذيرات من توسع رقعة الحرب تجاوزتها الأحداث وأن الحرب تتوسع مع دخول "حزب الله" على الخط والتحاق جماعة الحوثي بالحرب في البحر الأحمر والقصف المتبادل مع التحالف الأمريكي البريطاني؟
- دعيني أقول أولا إن مائة يوم على العدوان المفتوح على غزة لم تحقق شيئا لـ"إسرائيل" باستثناء قتل المدنيين والأبرياء والتهجير والتدمير والإبادة الجماعية أما على مستوى الأهداف التي أعلنها نتنياهو فلم يتحقق منها شيء.
المقاومة مستمرة تحت الأرض وفوق الأرض ومازالت تطلق الصواريخ وهي صواريخ نوعية حتى لو لم أكن خبيرا في هذا الشأن وهي صواريخ طويلة وتحتاج لمساحات معينة لإطلاقها.
وهذا طبعا إضافة إلى خسائر الاحتلال من كبار الضباط والجنود وإذا اكتفينا بما يعترف به الجانب الإسرائيلي من خسائر كبرى ومنها الحالات النفسية وحالات الرعب والهلع وما أصاب المجتمع الإسرائيلي من أزمة ثقة عميقة بالقيادة السياسية والعسكرية وأداء الجيش الإسرائيلي والمخابرات منذ البداية، نأتي لاحقا إلى السقوط السياسي الإسرائيلي فلا رؤية لحكومة نتنياهو غير الحقد والدم والإصرار على تدمير حماس. فضلا عن اهتزاز الصورة الإسرائيلية في العالم وخاصة لدى الشعوب في الدول الحليفة للكيان رغم التأييد الأعمى للغرب للحليف الإسرائيلي وهنا نقول لقد اعتادت "إسرائيل" سرقة كل شيء اعتادت قتل واعتقال الفلسطينيين وسرقة أعضائهم وزرعها في أجساد المستوطنين كما دأبت على مصادرة جثث الشهداء ثم ابتزاز أهاليهم تسلم الجثامين في نهاية المطاف وقد اقتلعت منها أعضاء كثيرة ولكن التاريخ يعلمنا أن هذا الكيان وعقيدته التي تقوم على السرقة لم يتمكن من مصادرة وسرقة الإرادة الفلسطينية رغم الواقع المرير.
نتنياهو لا يملك غير مزيد من القتل والمجازر لإطالة الحرب والهروب من المساءلة.
نتابع سقوطا مدويا لإسرائيل ولأول مرة في تاريخ هذا الكيان نرى ونسمع كل مسؤوليه العسكريين والسياسيين يتحدثون عن مرحلة ما بعد الحرب وضرورة محاسبة من تسبب في هذا السقوط.
"إسرائيل" ومعها القوى الكبرى تحارب فصيلا من فصائل المقاومة في منطقة هي الأصغر جغرافيا في العالم والأكثر كثافة سكانية ولا يزال هذا الفصيل بعد مائة يوم يطلق الصواريخ من تحت الأرض وفوق الأرض.
استخدموا كل ما لديهم من مدرعات وطائرات وأسلحة محرمة ومن آلة دعائية وفشلوا في القضاء عليه ..
أكيد أنك تابعت جلستي العدل الدولية في لاهاي وما قدمه فريق الدفاع جنوب إفريقيا.
* هل يمكن التعويل على هذه المحكمة لإصدار قرار لوقف الحرب؟
بغض النظر عما سيكون عليه قرار المحكمة يكفي أن نرى ونسمع هذه التصريحات على الأرض ومن ذلك ما أقدم عليه مذيع إسرائيلي في القناة 13 بطرده عضو الكنيست عن حزب "الليكود" فاتوري من الأستوديو، إثر تمسكه بموقفه الداعي لـ"إحراق غزة" والذي تم تقديمه إلى "محكمة العدل الدولية" كأحد المشرعين الداعين لارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في القطاع.
نعم هناك حالة من التوتر والقلق والحقد والكراهية لدى المسؤولين الإسرائيليين في تصرفاتهم ومواقفهم التي أعلنوها تعليقا على ما يجري في لاهاي مع انطلاق مرافعة فريق جنوب إفريقيا تقدّمت إلى محكمة العدل الدولية بدعوى ضد إسرائيل لممارسة جيشها "الإبادة الجماعية" ضد الفلسطينيين.
نتنياهو يعلن في موقف وقح أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في حروبه، وزير الحرب غالانت "لا توجد حرب عادلة وأخلاقية أكثر من هذه الحرب ولا جيش أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلي".
وكأنه كان يتعين على العالم أن يشكر الاحتلال على كل هذه الجرائم في حق النساء والأطفال والأطباء والمسعفين والإعلاميين.
ما حدث في لاهاي فيه إحراج كبير لـ"إسرائيل" في الداخل والخارج وإدانة للاحتلال لذلك نرى أن خيار نتنياهو سيكون الذهاب إلى الأمام والمضي قدما نحو مزيد القتل والأذى وهو بذلك يتجه إلى سياسة مراكمة الأزمات والمآزق باتجاه الضفة وعلى مستوى الجبهة الشمالية مع "حزب الله" ولكن وجب الإشارة إلى أن الأمريكيين رغم الدعم الأعمى لـ"إسرائيل" يضعون حسابات كبيرة ولا يريدون مزيد توسع الحرب.
صواريخ "حزب الله" امتدت إلى قاعدة نيرون التي تدير منها "إسرائيل" حركة الطيران والصواريخ الدقيقة المدى موجودة لدى "حزب الله" وهم يدركون ذلك، إضافة إلى موضوع الاتفاق البحري الذي سيبقى قائما في حسابات "إسرائيل".. إذا كل هذه العوامل وغيرها تدفع الأمور إلى التدحرج على الأرض وتتجاوز ما يحدث من اشتباكات ميدانية.
حتى الآن لا يزال هناك خطر كبير من توسع الحرب وهناك نية واضحة لـ"إسرائيل" لجر أمريكا إلى حرب واسعة.
ما جرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أكد أن "إسرائيل" سقطت وأنها تحتاج للحماية والدعم الأمريكي وهذا ما حدث في الساعات القليلة اللاحقة مع وصول السفن الحربية وناقلات الطائرات إلى المنطقة وفي كل الحالات فان إسرائيل تمارس كل أنواع التضليل لتغرق أمريكا في الفخ .
لا خلاف أن ثمة اليوم قوتين في المنطقة، أمريكا وإيران.
أما العرب فهم غائبون وللأسف العرب خارج اللعبة وهنا وجب القول إن "إسرائيل" تستهدفهم وان التهجير الفلسطيني القائم بكل وقاحة يعني أيضا مصر والأردن.
وقد سمعنا احد القضاة أمام العدل الدولية ينفي وبكل صلافة مسؤولية "إسرائيل" في منع وصول المساعدات الغذائية للفلسطينيين ويقول إن مصر من يمنع ذلك واعتقد انه من المهم أن ترد مصر على هذه الادعاءات.
هذا يجرنا للقول إن الخطر قائم يضاف إلى ذلك ما يحدث في البحر الأحمر وتداعيات ذلك الأمنية والاقتصادية والتجارية على كل المنطقة، في قناعتي أن "الحوثيين" مازالوا قادرين على توجيه مزيد الضربات, وأي خطاء أو انفعال أو سوء تقدير قد يؤدي إلى مواجهة كبرى.
بايدن أرسل رسالة لإيران أن أمريكا لا تريد الحرب .
* هل هي حرب بالوكالة بين "الحوثيين" و"إسرائيل"؟
لا أقول حربا بالوكالة.
للأسف بعض العرب مقتنعون بأن الاتفاق مع "إسرائيل" يوفر لها الحماية, هناك من يعول على ناتو إسرائيلي عربي يضمن مصالحه والحقيقة أن إسرائيل تستهدف الجميع وأهدافها في تهجير الفلسطينيين لم تتوقف وهي تنظر إلى سيناء كبديل لأهالي القطاع ثم يأتي دور الضفة بعد ذلك لتهجير سكان الضفة إلى غور الأردن في إطار مشروع قديم جديد ينتظر فرصة تثبيته على الأرض .
وحديث نتنياهو عن محور فيلادلفيا خطير وما يحدث يتنزل في إطار مزيد الضغط على هذه الدول. إذا ورغم كل ما ترتكبه "إسرائيل" من مجازر وإبادة جماعية يأتي بلينكن للحديث عن التطبيع والحديث عن استعداد "إسرائيل" للتعايش مع دول الشرق الأوسط، طبعا هو يعني التطبيع مع السعودية وهذا الطموح الأكبر.
نتنياهو خاطب الفلسطينيين مفاخرا بالتطبيع مع العرب مرددا أن الفلسطينيين لا يمثلون غير 2% من العرب وهو بذلك يؤكد هذه العقلية لإنكار ورفض حق الفلسطينيين على أرضهم.
* هل يمكن للعدل الدولية أن تدفع الدول الأوروبية لتغيير مواقفها أو مراجعتها خاصة ما نراه من فرنسا وألمانيا؟
الموقف الفرنسي مما يحدث في غزة فضيحة تاريخية لم يسبق أن ظهرت فرنسا كما هي عليه اليوم بعد كل ما فعلته من جرائم في الجزائر وتونس وإفريقيا وهي اليوم تغادر منطقة الساحل منبوذة، فرنسا لم يتم تغييبها في المشهد ولكنها اختارت تغييب نفسها، فرنسا طالما وصفت ببلد الثورة والحريات وهي قوة أساسية في أوروبا ومدافع شرس عن العدالة والقيم الكونية ولكن كل ذلك تبخر وسقط ماكرون كان بين أول من هرول إلى "إسرائيل" مطالبا بتشكيل تحالف دولي ضد المقاومة على غرار تنظيم داعش الإرهابي، لاحقا ومع تجاوز جرائم الاحتلال كل الخطوط الحمر تغير الخطاب نوعا ما إزاء المجازر البشعة ولكن الموقف الفرنسي ظل في حالة من التخبط والدعم الأعمى لـ"إسرائيل" ولكن ما سنلاحظه أن هذا سيؤثر على الداخل الفرنسي من خلال قانون الهجرة والتوجه نحو اليمين المتطرف أو كذلك باتجاه توريط أوروبا في الحرب الروسية في أوكرانيا لمصلحة "إسرائيل"، هناك إشارات قوية أن الأمريكيين لا يريدون أوروبا قوية مستقلة بقراراتها.
فرنسا كما الإعلام الفرنسي يقف إلى جانب الجلاد على حساب الضحية عقدة الذنب الأوروبية باقية و"إسرائيل" تواصل دور الضحية وابتزاز العالم، ومن هنا أيضا يمكن قراءة الموقف الألماني الذي يدخل المزاد العلني لكيان الاحتلال ويجعل نفسه طرفا في المحاكمة ولكن في المقابل تنسى ألمانيا أن الفلسطينيين لم يذهبوا إلى ألمانيا أو أوروبا لارتكاب جرائم المحرقة في حق اليهود وان من قام بذلك الألمان واليوم تمارس "إسرائيل" لعبة الابتزاز التي دأبت عليها للحصول على التعويضات ولكن أيضا لتحصين نفسها من أي محاسبة وفي المقابل من يدفع الثمن نيابة عن كل ذلك هو الشعب الفلسطيني.
رئيس ناميبيا انتفض ضد ألمانيا مذكرا بما ارتكبته في بلاده من جرائم حرب في إفريقيا. ليس في سجلهم محطات ناصعة وحقوق الإنسان تصرف حسب الهوية والمصالح وليست لكل الشعوب يتحدثون. عن الإعلام الحر ويمارسون عكس ذلك 118 صحفيا حتى اليوم الأحد 14 جانفي قتلهم الاحتلال في غزة ولم نر موقفا للعالم الحر أو للإعلام الحر يدعو لوقف المجزرة التي تنقل للعالم على المباشر ,ولا ننسى ما يحدث مع النخب والمثقفين والجامعات في بنسلفانيا وهارفرد المال له تأثير كبير على الإعلام واللوبيات المتنفذة تدرك جيدا هذا الأمر خلاصة القول انه رغم كل هذا الإمعان في الجرائم فإن ذلك لم يوقف المد التضامني الشعبي في العالم بما في ذلك في الدول الحليفة والداعمة لـ"إسرائيل".
* دور عرب أميركا في هذه المعركة.. هل كان في حجم الجريمة؟
ما جرى في الحقيقة أن الشعوب عموما لم تقصر في فضح ممارسات الاحتلال وان عرب أميركا مسلمين ومسيحيين كانوا حاضرين لتحريك الشارع ومخاطبة الإدارة الأميركية، ويمكن أن نسجل هنا أيضا أن هناك يهودا أدانوا ما يحدث في غزة والأمر ذاته حدث في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وكندا واستراليا ولكن للأسف مراكز القرار لم تر شيئا ولا تريد أن ترى وهي لم تنتبه لأصوات شعوبها ودافعي الضرائب لديها وتجاهلت كل هذه الأصوات تجاهلا تاماً.
فيما يتعلق بالدول العربية هناك شرخ كبير بين الجانب الشعبي والرسمي، لا نريد التعميم ولكن الموقف العربي عاجز وقاصر.. هناك دول لديها خطاب رسمي واضح وداعم للقضية ولكن هناك دول أيضا لا موقف لها..
يمكن أن أقدم مثالا عن قناة الميادين التي منعتها إسرائيل من تغطية هذه الحرب وقد منعت من البث لما فيها من تأثير وحاولت كذلك منع قناة الجزيرة الوحيدة الحاضرة على الميدان ولكنها تراجعت عن ذلك لأنها تحتاج الدور القطري في التفاوض مع المقاومة حول الرهائن ولم تتمكن من قطع بث الجزيرة وما تقوم به الجزيرة اسقط ادعاءات "إسرائيل" وأكد صدق المقاومة.
في المقابل نرى وسائل إعلام عربية خجولة جدا في هذه المعركة الإعلامية الحاسمة ولم تتجند لها كما ينبغي طبعا لا نطلب من احد أكثر من طاقته.
العرب اتفقوا على مبادرة عربية في بيروت منذ 2000 تقر الاعتراف بـ"إسرائيل" مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني وبدل التمسك بهذا الخيار انساقوا إلى التطبيع المجاني دون أن يأخذوا شيئا، بل بالعكس تضاعف الاستيطان والتهويد ومحاصرة الفلسطينيين وبات واضحا أن ما يحدث على الأرض يستهدف الوجود الفلسطيني واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم .
* هل ما زال حل الدولتين قائما؟
يتحدثون عن حل دولتين وليس حل الدولتين وهو عين الاستخفاف بالقضية، واشنطن تتحدث عن "حل دولتين" ولكن دون أي تحرك على الأرض مجرد مسكنات لمنح "إسرائيل" مزيدا من الوقت لمواصلة مشروعها الاستيطاني، قتلوا ابوعمار وقتلوا رابين ومنعوا كل الحلول التي طرحت لإقامة دولة فلسطينية وكل ما يمكن أن يساعد في بناء هذا الحل.
ليس الفلسطينيون من عطل حل الدولتين حتى حماس قبلت بذلك ولكن لا جدية من الجانب الأمريكي ولا نوايا لـ"إسرائيل" للقبول بهذا الخيار وهو ما يتضح من الاستيطان الذي يتسارع كالسرطان ومن كل الاعتداءات أيضا في الضفة والقدس.
الأمريكيون يواصلون بيع الأوهام ولكنهم غير قادرين على التصدي لإرهاب المستوطنين.
بايدن طلب من "إسرائيل" الإفراج عن الأموال الفلسطينية المحجوزة حتى تذهب لأصحابها وفشل في ذلك فكيف سيفرض حل الدولتين.
إذا كان عاجزا عن الضغط على نتنياهو لتنفيذ هذا الطلب.
أمريكا رغم كل الإحراجات لا تقبل هزيمة إسرائيل أو خروجها منكسرة في هذه الحرب.
* تقول ذقنا طعم الحرب 15 عاماً كانت حرب الحروب وانتهت بتسوية لا تساوي شيئا من التضحيات، هل يتكرر السيناريو اللبناني في غزة؟
نعم كنت أتحدث عن الواقع اللبناني وهو اليوم واقع صعب لتعدد الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية وغياب التسوية ولبنان بلا رئيس وكل هذا يحتاج إلى حلول، نعلم أن كل مجتمع عربي له خصوصياته خضنا حرب الحروب في لبنان ودخلنا في تسوية هي اقل من التضحيات التي قدمها اللبنانيون طوال 15 عاما. كنت أدعو إلى اخذ العبر والدروس من وراء الحرب والذهاب إلى تسوية شاملة.
* هل انتهى الطائف؟
-لا أقول انتهى، لا يزال اتفاق الطائف قائما.
كان ضروريا لإنهاء الحرب وبالتالي كان مدخلا إلى الحل وليس الحل هذا هو الواقع الاتفاق قائم ولكنه ليس منزلا.
أيضا يجب الاعتراف أن العديد من بنود اتفاقية الطائف لم تطبق حتى اليوم ولكن مجددا أقول هذا ليس كلاما منزلا وهو يظل مدخل إلى الحل في لبنان فتح الباب.
طبعا نعود إلى غزة الآن ليس المطروح تسوية سياسية هذا سابق لأوانه المطروح وقف الحرب أمريكا ترفض ذلك وتستعمل الفيتو لمنع ذلك وبالتالي السؤال عن أي تسوية يتحدث بايدن وبلينكن دون وقف الحرب أهالي غزة يحتاجون المساعدات ويحتاجون الماء والغذاء والدواء ومنع كل هذه الأساسيات من الوصول إلى القطاع يدخل في الحسابات الجهنمية لدفع الفلسطينيين إلى أقصى درجات اليأس وهم يتعرضون للعمليات الجراحية دون تبنيج أو هم يرون عائلاتهم تباد وبالتالي يتحقق الهدف في إخراجهم من غزة، ما يحدث عملية قتل بطيء تحت أنظار العالم وفي نفس الوقت يزرعون بذور الدم والقتل والرغبة في الانتقام.
مخرجات القمة العربية فشلت ولم تحقق الحد الأدنى واللجنة العربية الإسلامية غير مؤثرة حتى لا نقول أكثر من ذلك لم تتوصل إلى الحد الأدنى المطلوب لكسر الحصار أو إدخال المساعدات.
* ماذا عن قادم الأيام؟
الحرب ستستمر.. الإسرائيليون مستمرون في عدوانهم والحرب ستتجاوز تداعياتها قطاع غزة والعالم العربي سيتأثر بذلك وواهم من يعتقد انه يحمي نفسه أو بمنأى عما يجري.
في خضم هذه الحرب العدائية يخرج نتنياهو ليقول كلاما خطير بأن "إسرائيل" ذاهبة للتطبيع مع الدول العربية والتوجه بالدرجة الأولى للسعودية وهذا مطمحهم وقال مخاطبا الفلسطينيين انتم لا تمثلون غير 2% من العرب وإذا اتفقنا مع العرب فمعنى ذلك أن الفلسطينيين سيرضخون ويقبلون بالتهجير وهذا يعكس عقلية الإنكار للشعب الفلسطيني ولحقه في أرضه. فهل يمكن إذا أن نرى استقرارا في المنطقة؟
بالتأكيد لا والفلسطيني لن يتخلى عن حقه.
* إلى أي مدى يمكن للمقاومة أن تصمد؟
لا احد يعرف كيف ستنتهي الحرب ولكن ما نعرف انه من الـ48 وحتى قبل ذلك لم تتوقف المقاومة تتبدل الأساليب والخيارات تنسحب رموز وتأتي أخرى بمعنى أن المقاومة باقية وليس صحيحا أن جيش الاحتلال يسيطر على غزة بالنظر إلى استمرار المقاومة بعد مائة يوم من الحرب.
حتى لو انتهت الحرب اليوم فان ما ستزرعه في نفس الفلسطينيين سيفجر أكثر من ثورة.
كانت البداية مع "فتح" و"منظمة التحرير" وسرعان ما ظهرت "الجهاد" و"حماس" و"سرايا القدس" وغيرها قد تذهب "حماس" ومن معها وسيأتي غيرهم وسيكون أكثر حماسا مما هي عليه اليوم.
لذلك مهم جدا أن نكون في الجانب الصحيح للقضية.
