السبت 27 كانون الثاني 2024 12:57 م

الدولة المدانة "فالتة"


* جنوبيات


كل العالم كان ينتظر قرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. توقع كثيرون أن يدعو القرار الى وقف إطلاق نار فوري. لم أكن من ضمنهم لأن لدينا تجارب مع المحاكم الدولية عموما فكيف إذا كانت محكمة تقاضي اسرائيل. لكن ما صدر في البيان كان من الأهمية بمكان إذ شكل سابقة بكل ما للكلمة من معنى ومما جاء فيه:
- نقر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية". وفي ذلك إشارة الى ما تقوم به "إسرائيل".
- على "إسرائيل" اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وهذه إشارة ثانية.
- على"إسرائيل" اتخاذ تدابير فورية لمنع التدمير في قطاع غزة.  وهذا موقف وقرار يدينها بما ارتكب في القطاع من تدمير فاق ما شهدناه في الحرب العالمية الثانية.

- على "إسرائيل" أن ترفع تقريرا للمحكمة بشأن كل التدابير المؤقتة المفروضة خلال شهر. يعني ستكون دولة الإحتلال تحت المراقبة. سلفا أقول لن تقدم "إسرائيل" تقريرا شهريا الى المحكمة. ستستمر في ارتكاب الجرائم التي اتهمت بها ولن تتغير.

وفي مثل هذه الحالة ستثبت أنها دولة فالتة لا تحترم قانونا وقضاء أو حقوق إنسان أو غيرها من القيم. لكن قرار المحكمة اليوم يشكل إدانة لها وسوف نكون أمام إدانات أخرى نظرا لإتساع دائرة الدول المؤيدة لموقف جنوب أفريقيا والمحكمة وهكذا ستكون "إسرائيل" "الدولة المدانة".
- على"إسرائيل" أن تتخذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني في غزة.

هذا موقف دولي عام. حتى أكثر المؤيدين لها طالبوا ويطالبون بذلك وهي لا تقيم اعتبارا لأحد. لكن أن يصدر قرار بهذا الشأن من المحكمة فلا يستطيع أحد أن يشكك بعدلها ومعيارها القانوني الذي استندت إليه.
- الحكم يفرض التزامات قانونية دولية على "إسرائيل".
- عليها أن تتأكد فورا من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات المذكورة سابقا".
- عليها توفير الاحتياجات الملحة في قطاع غزة بشكل فوري، واتخاذ إجراءات لمنع التحريض على الإبادة الجماعية". وذلك استنادا الى تصريحات رئيس الحكومة نتانياهو وعدد من الوزراء والمسؤولين العسكريين الذين دعوا الى الإبادة "بالحرق" أو "القنبلة النووية" أو "التخلص من الفلسطينيين"... وهذه إدانة إضافية لممارسات الاحتلال.

- عليها الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والإعتداء والتدمير بحق سكان غزة. وهذا مطلب دولي من البيت الأبيض وصولا الى المؤيدين بقوة لفلسطين وشعبها وحقوقه والذين تحركوا في كل أنحاء العالم ليسمعوا صوتهم: "أوقفوا الحرب على غزة. فلسطين حرة"!!
ما جرى خلال المرافعات وأدى الى قرار المحكمة هو محاكمة علنية "لإسرائيل" وسياساتها رغم الدخول على الخط والضغوطات التي مورست وحجب نقل المداخلات المدينة "لإسرائيل" في وسائل إعلام "العالم الحر" والاكتفاء بنقل كلمات "الدفاع" عن"إسرائيل". هو موقف معيب لأن الذين اخترعوا التكنولوجيا المتطورة، ومواقع التواصل، والذكاء الاصطناعي أساؤوا الى أنفسهم وغشوا أنفسهم.

وكأنهم لا يعرفون أن الذين لم ينقلوا مرافعات الاتهام "لإسرائيل" لم يحجبوا الحقيقة. فقد سمع العالم كله ما قيل عبر التقنيات التي لم تعد تخفي شيئا. ما جرى في المحكمة إدانة واضحة "لإسرائيل". كان رصد للكلمات.

ثم رصد للقرارات ثم سيكون رصد للممارسات الاسرائيلية ومدى توافقها معها. إن"إسرائيل" في دائرة الملاحقة. كسرت صورتها وهيبتها وتم تجاوز كل الحواجز والمحرمات التي كانت قائمة في طريق إدانتها ومحاكمتها في لاهاي بعد أن حاكمتها شعوب وأمم وهيئات ومنظمات شبابية وطلابية ونسائية ومجموعات من المفكرين والمثقفين والإعلاميين والموسيقيين والفنانين والرسامين وعارضي الأزياء والممثلين والمحامين والقضاة والأطباء، قالوا كلماتهم في الشوارع وعلى الشاشات وأدانوا "إسرائيل".

بنيامين نتانياهو قال: استعداد المحكمة لمناقشة مزاعم الإبادة الجماعية ضد "إسرائيل" وصمة عار لن تمحى جيلا بعد جيل! وسنواصل الحرب !
وزير المال سموتريتش علق: على قضاة لاهاي القلقين على سكان غزة دعوة الدول لاستقبالهم والمساعدة في بناء غزة!
وزير الأمن القومي بن غفير اعتبر"محكمة العدل معادية للسامية".


إنه التحدي الوقح الدائم المستمر لكل العالم. فالعار في نظرهم هو إدانة الإرهاب والإبادة والتهجير والتدمير والقتل وحجب الأدوية والمساعدات عن الأبرياء العزل المستهدفين والمطلوب استقبال هؤلاء في أماكن أخرى يعني بكل صفاقة الدعوة الدائمة الى اقتلاعهم من أرضهم واختيار وطن بديل لهم وعلى الدول المعنية بذلك إعادة بناء غزة ليسكنها مستوطنون.

"إسرائيل" دولة مارقة "فالتة" تعتبر أنها العدل والقانون والمحامي والقاضي والدستور والمرجع الدولي وحقوق الانسان والصح والحق والقرار وكل العالم بما فيه الحلفاء يجب أن يحترموا كلمتها وسلوكها وقرارها ويحدثونك عن العالم الحر الداعم للدولة الفالتة. كل هذا ووسائل الاعلام الاسرائيلية أشارت الى "إنجاز قضائي كبير" لأن القرار لم يدع الى وقف لإطلاق النار ولم يدن"إسرائيل"
إنها خطوة على طريق طويل. يجب أن تتابع وتستكمل.

شكرا لجنوب أفريقيا وكل من أيدها!!

المصدر :جنوبيات