كتب ابراهيم حيدر في" النهار": لم تنته فصول قضية تزوير الشهادات وتلقي الرشى في المعادلات والمصادقات في التربية خصوصاً ما يتعلق بالعراقيين.هي تبقى مفتوحة على احتمالات عدة طالما أن هناك جامعات مخالفة أصدرت شهادات بالجملة لعشرات آلاف الطلاب على مدى سنوات طويلة، لا تستوفي الشروط، وفتحت بازار السمسرة على مصراعيه. ومنذ أن انفجرت قضية الطلاب العراقيين قبل ثلاث سنوات غرقت التربية في أزمة المعادلات فنشأت شبكة فساد مدعومة فتحت شهية كثيرين على التلاعب بالشهادات وجني أموال لم يسبق أن تلقاها موظفون محميون سياسياً وطائفياً وكشفت فضائح عن مخالفات معشّشة في المكاتب منذ سنوات.
نشأت شبكة الفساد بالترابط بين موظفين في الوزارة ومندوبي جامعات وسماسرة كانوا يتحكمون بالمعادلات والمصادقات. وجاءت قضية الطلاب العراقيين لتفجر الملف برمته. والحديث هنا عن أكثر من 27 ألف شهادة لا يُعفي الجامعات التي منحتها وأيضاً الطلاب العراقيين أنفسهم، إذ لا يزال الجدل قائماً حول الوضع القانوني لها. وتتحدث معلومات عن أن ملف التزوير لدى جامعات متورطة لم يقفل نهائياً، إذ تتكشف مجدداً فضائح تطال عدد من المسؤولين فيها تتصل العراقيين وذلك على الرغم من القرارات التي اتخذها مجلس التعليم العالي قبل سنتين للتدقيق بالشهادات وإخضاعها لشروط إبراز معادلة الشهادة الثانوية لمصادقتها.
وفي ما يتجاوز البروتوكول اللبناني- العراقي، إلا أن العراقيين يتحملون مسؤولية بتدخلاتهم لتمرير شهادات للمصادقة تتخطى ما هو متفق عليه، وهو ما يطرح علامات استفهام حول المقاربة العراقية لهذا الملف المتفجر، إذ لا تزال 10 آلاف شهادة لعراقيين بحاجة للمعادلة او المصادقة وهي تخضع للتدقيق بصحة استيفائها للشروط، وهذا الامر يقطع الطريق على شبكات المافيا التي تستغل الطلاب وتوهمهم في إمكان نيل المصادقة لقاء مبالغ مالية بالدولار لكل معاملة.
لا يستقيم ملف المعادلات والمصادقات إلا بمساءلة الجامعات المخالفة ومحاسبتها، فشهادات العراقيين لا تُصنّف "مزورة" لكن تشوبها مشكلات قانونية ونقص في معاييرها الأكاديمية. والحديث هنا عن طلاب نالوا شهادات ماستر ودكتوراه تخرّج معظمهم عبر الأونلاين مع حضور متقطع، حيث تولى سماسرة تسجيل الطلاب عبر شبكات وترتيب مصادقة الشهادات، وحتى تأمين المنازل واستئجارها للذين يأتون الى لبنان، وكذلك تسوية أوضاعهم لدى الجهات الأمنية.
ليس الحل بشطب وتصفية الشهادات، انما حان الوقت لمكافحة للمحاسبة واعادة النظر بنظام التعليم العالي الذي فرّخ الكثير من مؤسسات لا تستوفي المعايير الاكاديمية، ونشأت بمحاصصة طائفية ومذهبية وتوازنات وتغطيات سياسية.
تصحيح الخلل يبدأ من مصدره والتصدي لأصل المشكلة، كي لا تتسلل الفضائح ونواجه أكثر من فضيحة الطلاب العراقيين.