الجمعة 2 شباط 2024 09:07 ص

إذا لم يُنتخب رئيس اليوم قبل الغد فلبنان سيبقى من دون رأس


* جنوبيات

يتحرّك سفراء الدول الخمس المهتمة بالوضع اللبناني من زاوية الاستحقاق الرئاسي وضرورة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، اعتقادًا منهم بأن ما لا يزال ممكنًا اليوم قد يصبح مستحيلًا غدًا. فإذا لم يتوافق اللبنانيون، على رغم تناقضاتهم الكثيرة، على الاتيان برئيس أقّله لإدارة الأزمة قبل أن تشتعل المنطقة فإن لبنان سيبقى إلى أجل غير مسمّى من دون رأس، وستبقى الساحة اللبنانية مكشوفة أمام كل الاحتمالات والتطورات المتسارعة. 
فمن مصلحة جميع اللبنانيين أن يكون لديهم رئيس، وإن لم يكن الخيار الممكن والمتاح في الظرف الراهن لا يعبّر عن طموحات الكثيرين منهم.
ويذكّر بعض الديبلوماسيين الغربين المتقاعدين، والذين لا تزال تربطهم بلبنان واللبنانيين صداقات مختلفة كيف لم يتلكأ اللبنانيون المنقسمون إلى معسكرين متصارعين في عزّ أيام الحرب عن انتخاب رئيس لجمهوريتهم المتهالكة والمفكّكة. ويعطون دليلًا ساطعًا على أهمية أن يكون للبنان رئيس، وبالأخصّ في الظروف الاستثنائية وغير الطبيعية، أنه يوم انتخب الرئيس الراحل الياس سركيس رئيسًا للجمهورية في 23 أيلول/سبتمبر 1976، أي بعد أقل من سنة على اندلاع الحرب في لبنان، لم يكن الخيار المفضّل لدى بعض الأحزاب اللبنانية، التي عادت واعترفت بصوابية هذا الخيار، لأنه استطاع أن يدير الأزمة بحكمة ودراية وحال دون تفاقم الوضع أكثر مما كان متفاقمًا.
فلبنان برأي "الخماسية" في حاجة اليوم إلى رئيس لإدارة الأزمة. وقد يكون من بين المطروحة أسماؤهم كثيرون قادرين على إدارة هذه الأزمة، بحيث لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، أي أن يكون مع "ستي بخير ومع سيدي بخير"، إذ ليس المطلوب منه اجتراح الأعاجيب، في زمن شحّت فيه المعجزات بعدما شحّ الايمان. بل المطلوب من أي رئيس تُطلق عليه تسمية "الخيار الثالث" ضبط الأمور بالتي هي أحسن، وتقليل الأضرار، التي يمكن أن تنجم عن أي تطوّر دراماتيكي خارج إرادة اللبنانيين. لقد سبق أن قلنا إن رئيس "سوبرمان" لم يحن أوانه بعد، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي الحاصل اليوم، والذي يضاهي بخطورته الانقسام الذي كان مدموغًا بالدّم إبّان الحرب، التي أطلقت عليها تسميات كثيرة، ولكن يبقى أهمّها أنها كانت "عبثية".
فـ "الخيار الثالث"، الذي تحاول "اللجنة الخماسية" تسويقه من خلال جسّ نبض مختلف الأفرقاء السياسيين، وهذا ما يقوم به سفراؤها في لبنان ،بدءًا من "عين التينة"، هو خيار الممكن بعدما ثبت لها بالوقائع أن خياري الوزيرين سليمان فرنجية وجهاد أزعور غير متوافرة لهما الظروف الطبيعية لاكتمال عقد ترشيحهما، إذ لا يكفي أن يكون الأول، وهو مرشح محور "الممانعة"، وأن يكون الثاني، وهو مرشح "المعارضة"، مدعومين فقط من واحد من هذين المحورين، إذ أن المعادلة التوازنية التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة لم تسمح بأن يحظى فرنجية بأكثر من 51 صوتًا، فيما لم تستطع "المعارضة" تأمين أكثر من 59 صوتًا لأزعور.
 وإذا لم يُسجّل أي ثغرة في الجدار الرئاسي فإن الوضع سيبقى على مراوحته القاتلة إلى ما لا تُحمد عقباه.
فهل تستطيع "الخماسية" عبر سفرائها إقناع من يجب إقناعهم من الأفرقاء اللبنانيين بأن لا مناص من توافق الحدّ الأدنى على رئيس لا يستفز لا "حزب الله" ومعه محور "الممانعة"، ولا "القوات اللبنانية" ومعها محور "المعارضة"، ولا "التيار الوطني الحر" ومن معه من النواب الذين يقفون بـ"النص" بين محورين تتناقض خياراتهم الوطنية؟
الجواب عن هذا السؤال يبقى رهن نجاح سفراء "الخماسية"، الذين وحدّوا موقفهم بالنسبة إلى نقطتين محوريتين: الأولى، فصل الاستحقاق الرئاسي عمّا يجري في غزة والجنوب، والثانية التوافق على "الخيار الثالث"، ولكن من دون الخوض في غربلة الأسماء، لأن هذا الأمر سيُترك لمرحلة لاحقة.    

المصدر :لبنان 24