على وقع التفاهم اللبناني حول العناوين العامة لقانون انتخابي، يراعي التمثيل لكل الطوائف بعيدا عن هواجس الالغاء والتحجيم، والاجواء الايجابية للجلسات التشريعية واقرار بعض القوانين، تلاقي القوى السياسية الفلسطينية هذا الايجابيّة اللبنانيّة، بأخرى فلسطينيّة تحاكي الهواجس الدائمة من المخيمات لتبعث برسالة اطمئنان اليها، خصوصًا في هذه المرحلة بعد إحباط الاجهزة الامنية عملية "الكوستا" التي كان يعتزم الصيداوي عمر حسن العاصي تنفيذها بأوامر من تنظيم "داعش" في الرقة السورية.
زيارة الرئيس
هذا الايجابيّة الفلسطينيّة تتمثل بأمرين هامّين، الأولى الزيارة التي قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" القيام بها الى لبنان في الثلث الاول من شهر شباط المقبل، للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتهنئته بانتخابه، إضافة الى قادة الفصائل الفلسطينية ومواصلة المشاورات الجارية، على أمل أن يعلن موقفا ازاء المصالحة الفلسطينية وتشكيل الحكومة اذا ما سارت الامور وفق ما هو مقرر لها.
وأبلغت مصادر فلسطينية ان الزيارة الرئاسية الفلسطينية يريد من خلالها عبّاس تحقيق هدفين، الأول توجيه تحيّة الى لبنان وقواه السياسية بعدما استضاف على مدى يومين اجتماعات اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني في الثلث الاول من شهر كانون الثاني الجاري بمشاركة "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"القيادة العامة" و"منظمة الصاعقة" للمرة الاولى، ولحسن استضافته الشعب الفلسطيني ودعم مواقفه في تطلعاته نحو العودة بعيدا عن التوطين والتهجير، وفق ما جاء في خطاب القسم للرئيس عون والبيان الوزاري لحكومة سعد الحريري، والثاني تأكيد حرصه على استكمال المصالحة الفلسطينية ومن بيروت بعيدا عن أي تجاذبات في المكان.
واشارت المصادر، الى ان سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور الذي شارك مع اعضاء المجلس الثوري لحركة "فتح" فتحي ابو العردات، آمنة جبريل والحاج رفعت شناعة في الاجتماع الاول للمجلس الثوري برئاسة الرئيس "ابو مازن" بعد انتخابه قبل اشهر، سيتفرغ في الايام المقبلة للتحضير للزيارة الرئاسية بما يضمن نجاحها على كافة المستويات، سيّما وان السفارة الفلسطينية وباشراف دبور شخصيا قد ساهم بانجاح جميع الخطوات لاجتماعات اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني وسط ارتياح تام.
المنظومة الامنية
بانتظار حصول الزيارة الرئاسية، فان "القيادة الفلسطينية السياسية الموحدة" في لبنان، خطت خطوة عملية في تحصين الامن والاستقرار في عين الحلوة، اذ انجزت "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" "الخطة الامنية" وسلمتها الى مدير مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود، حيث تضمنت رؤية مفصلة حول كيفيّة معالجة الأوضاع الأمنيّة في مخيم عين الحلوة، لجهة منع الانفلات الأمني، اضافة الى تعهد واضح ألاّ يكون المخيم منطلقا لأي أعمال تخلّ بالأمن في لبنان.
وقد اتّفق على تسميتها بـ"المنظومة الامنية" الخاصة بمخيم عين الحلوة، بدلا من "الخطة الامنية"، وقد أُعِدَّت لتحاكي الهواجس اللبنانية وكبديل عن اقامة الحائط الذي اوقف الجيش اللبناني بناءه في وقت سابق من العام الماضي، وهي مؤلفة من صفحتين، تتضمن مقدّمة عبارة عن رؤية سياسيّة، اضافة الى كيفية تطبيق هذه المنظومة لجهة متطلباتها، على ان يتمّ التعامل معها وفق صيغة للعلاقة اللبنانية الفلسطينيّة، تعتبر التعامل الأمني أحد جوانب التعامل مع الفلسطينيين في لبنان ويتكامل مع الجوانب السياسية والاجتماعية والقانونية خاصة مع بداية العهد الجديد.
واكدت مصادر فلسطينية، ان هذه "المنظومة الامنية"، تقوم على ركيزتين، الاولى، إعادة ترتيب "القوّة الأمنية المشتركة" في مخيّم عين الحلوة ووفق هيكلية محددة وتفعيلها لتأخذ دورها، على ان يتم توفير غطاء أمني وسياسي وقانوني رسمي وتأمين المقرات والتجهيزات والميزانيات، والثانية التعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، وصولا الى التفاهم حول الهواجس الأمنية ووضع خطط خاصة للتعامل معها، موضحة في الوقت نفسه انها تقوم على محورين لتحقيق اهدافها في منع الاخلال بالامن والاستقرار، الاول في المناطق الفاصلة بين المخيم ونقاط الجيش اللبناني العسكريّة، وتضمنت تحديد هذه المناطق الحساسة القريبة من نقاط الجيش وتثبيت نقاط للقوّة الأمنيّة فيها، تسيير دوريات مشتركة، تعزيز نقاط وحواجز الأمن الوطني الفلسطيني والتنسيق الفاعل بينها وبين نقاط القوة الأمنية المشتركة لمنع اي اخلال بالامن، وعقد لقاءات دوريّة مع مخابرات الجيش لمتابعة التنفيذ وتقييم الوضع وتبادل المعلومات في حال وجود اي تهديد محتمل والتنسيق لمواجهته، بالمقابل ستكون نقطة التفاهم عن الترتيبات الأمنية حول المخيم وعلى الحواجز، بما يضمن الأمن، والتخفيف عن اهله وتسهيل أمورهم، وخصوصا مواد البناء والمستلزمات الحياتية الاخرى.
والثاني على مستوى المخيّم الداخلي، وهو التعامل بحزم مع المخلّين بالأمن وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية، وإيجاد صيغة لإنهاء فوضى السلاح وضبطه ووقف عمليات إطلاق النار في الهواء التي باتت تشكل مصدر رعب، وتؤدي في بعض الاحيان الى سقوط ضحايا وجرحى، إجراء مصالحات بين الأفراد والعائلات، لإنهاء الخلافات والعداوات وسحب فتائل التفجير المحتملة، ترتيب السير وفق خطة مقبولة، ومكافحة الآفات الاجتماعية كالفساد والمخدرات.
في الخلاصة تبقى العبرة في التنفيذ وملاحقة جميع المطلوبين والارهابيين لقطع دابر الفوضى واعادة الأمن والأمان الى عين الحلوة ومناطق صيدا والجوار بشكل خاص والى لبنان بشكل عام.