الاثنين 12 شباط 2024 22:29 م

"لا شيء بالمجّان"!


* جنوبيات

علّمتني الحياة أنّ الحروف تبقى والأجساد تفنى. 

فلنحسن ما تكتبه أيدينا بحروف من نور لتبقى تنير ذكرانا على امتداد الأيّام وتعاقب السّنين. 
علّمتني الدّنيا أنّها سُمّيت كذلك لأنّها دنيئة في مقاصدها، سخيفة في تآلفها. ومن لهث وراءها عاش رخيصًا ومات زنيمًا. أمّا من ترفّع عنها ولم يعش لأجلها رحل عنها مترفّعًا محمود الصّفات. 
علّمني العمر أنّ الصّبر قوّة وليس استسلامًا، وأنّ الصّمت رفعة وليس تنازلًا، وأنّ التفاؤل مكرمة وليس سذاجة.
علّمتني حياتي أنّ الدّروس "لا تُعطى مجّانًا"، وأنّ عليّ أن أدفع ثمن هذه الدّروس من مالي ونفسي وسنين عمري.
 
رائعة هي الحياة إذا عشناها بالتّقوى ورحلنا عنها بالإيمان المطلق بأنّ ما عند الله خير وأبقى. 
فالدّنيا تحاول جاهدة أن تخطفنا لنعيش مغرياتها ولهوها إلى أن يحين موعد الرحيل. فإن أحسنّا المواجهة وتغلّبنا على تلك المغريات، وعشنا الثبات مع الله بقلب ذاكر وروح متعلّقة بحبّه، عندها نكون قد نجونا، وفزنا بمرضاة الله عزّ وجلّ، وهنا تكمن الحقيقة. 
يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
 "اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد، كمثل غيث أعجب الكفّارَ نباتُه ثمّ يهيج فتراه مصفرًّا ثمّ يكون حطامًا، وفي الآخرة عذاب شديد، ومغفرة من الله ورضوان، وما الحياة الدنيا إلّا متاع الغرور".
صدق الله العظيم. 

 

المصدر :جنوبيات