حوار صحافي مع القيادي والمفكر الفلسطيني ورئيس تيار الاستقلال الفلسطيني الدكتور محمد أبو سمره، جاء فيه:
- لماذا يصر نتنياهو وقادة جيش الاحتلال على اجتياح رفح؟
إنَّ إصرار رئيس وأركان حكومة العدو وقادة جيش العدو على اجتياح وإعادة احتلال مدينة رفح الفلسطينية الحدودية، الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة وأقصى الجنوب الغربي لفلسطين المحتلة، يأتي في سياق عدة أمور، أهمها أنَّه لم يعد خافياً للجميع أنَّ المجرم نتنياهو ربط صيره ومستقبله السياسي ومصير حكومته الإرهابية الفاشية المكونة من مجموعة من مجرمي الحرب والإرهابيين، باستمرار الحرب والعدوان الصهيوني الوحشي البربري المتواصل ضد قطاع غزة للشهر الخامس على التوالي، وكذلك في سياق حرب الإبادة المنهجية وعمليات التطهير العرقي ضد الفلسطينيين والتدمير الشامل الكامل لكل معالم وملامح وأشكال الحياة في قطاع غزة على كافة المستويات، ومن أجل أن يستكمل العدو الصهيوني تنفيذ مخططه بإرغام أهالي القطاع، وخاصة مليون ونصف مليون من النازحين إلى رفح، على الطرد والهجرة القسرية إلى مصر وسيناء.
وفي حال اجتاح العدو الصهيوني محافظة ومدينة رفح البالغة مساحتها ٥٥ كلم مربع، ويقيم فيها الآن مليون ونصف مليون فلسطين، فإنّ المدينة والمحافظة ستشهدان سلسلة من المجازر البشعة تساوي عدة أضعاف أرقام المجازر والشهداء منذ بداية العدوان وحتى اليوم، أتوقع أن يزيد عدد شهداء رفح في حال اجتاحها العدو الصهيوني عن مائة ألف شهيد، علماً أن العدد الحقيقي للشهداء في كافة أنحاء القطاع منذ يوم السابع من أكتوبر وحتى اليوم، يزيد على ستين ألف شهيد، بينما يزيد عدد الجرحى عن مائة ألف شهيد، عدا عن عشرات الآلاف من الأسرى والمفقودين.
ومن الأهداف الهامة التي تقف وراء إصرار نتنياهو على اجتياح رفح، استكمال عملية احتلال كامل قطاع غزة، وبالتالي التخلص من أكثر من نصف سكان قطاع غزة سواء بالقتل والإعدام الميداني والمجازر، أو عبر الطرد والتهجير القسري إلى الأراضي المصرية، وبذلك يكون حقق أهم الأهداف الاستراتيجية للعدو الصهيوني من أجل تصفية القضية الفلسطينية وشطب قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وكي وعي الفلسطينيين ومحو ذاكرتهم وتاريخهم وماضيهم وافقارهم وتجويعهم، وإخراج واقتطاع كامل قطاع غزة من الجغرافيا الفلسطينية، وجعل القطاع جزء من الماضي الفلسطيني مثله مثل القدس وحيفا ويافا وعكا وصفد وعسقلان وبئر السبع، وإلقاء بالعبء السكاني والمعيشي لأهالي القطاع على مصر الشقيقة، وجعلهم مشكلة دائمة لمصر والعرب والمنطقة..!!
- هل تهدف تهديدات العدو الصهيوني للضغط على "حماس" في ملف المفاوضات؟
لا أعتقد أن تهديدات العدو الصهيوني باجتياح رفح، مرتبطة فقط بالضغط على حركة "حماس" لانتزاع موقف في قضية المفاوضات لتبادل الأسرى، وغيرها من المسائل.. وبتقديري سواء تم الاتفاق في مفاوضات تبادل الأسرى وما يتبعها من أمور، أو فشلت المفاوضات، فإنَّ نتيناهو وحكومته المجرمة وجيشه الفاشي النازي، لن يترددوا في وقت لاحق من تنفيذ تهديداتهم باجتياح رفح، لأنَّهم يريدون استكمال تنفيذ مخططاتهم الاجرامية الاستراتيجية ضد شعبنا وقضيتنا ومستقبلنا، مع العلم أن مطلب وقف اطلاق النار ووقف العدوان، بات مطلباً شعبيا فلسطينياً، ومهما كان الثمن المقابل لوقف اطلاق النار ووقف العدوان الاجرامي، ولابد أن تتكاتف كافة الجهود الفلسطينية والمصرية والعربية والإقليمية لمنع العدو من اجتياح رفح، ولوقف اطلاق النار ووقف العدوان وانسحاب قوات العدو من كافة المناطق التي احتلها في قطاع غزة، والبدء بعمليات إغاثة شاملة لأهلنا في قطاع غزة، لإغاثة كل شعبنا في القطاع وتوفير كافة احتياجاته من الشراب والغذاء والدواء والكساء والفرش والأغطية والخيام و"الكرفانات" وكل مايلزم لعملية الإيواء تمهيداً للبدء بعمليات إعادة اعمار القطاع.
- هل هناك ما يمكن لـ"حماس" أن تتفاوض به للخلاص من أزمة رفح؟
على "حماس" أن تضع مصلحة الشعب الفلسطيني عموماً وفي قطاع غزة خصوصاً أمام ناظريها، وأن تضع الأولوية المطلقة للتجاوب مع الجهود المصرية وجهود القيادة الفلسطينية وكذلك الجهود القطرية، للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وأن تدرك الآن أنَّ الاجماع الوطني والشعبي الفلسطيني يعطي الأولوية لوقف إطلاق النار، وإنقاذ مليوني ونصف مليون فلسطيني في القطاع ومليون ونصف مليون في رفح من المخططات الصهيوني التي تستهدف طردهم وتهجيرهم وابادة من تبقي منهم.. وبالتالي لابد من توحيد الموقف الفلسطيني بالتعاون مع القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية، وأن تضع ثقتها كاملة في الشقيقة الكبرى مصر، التي تعمل بكل طاقتها وجهودها لوقف نزيف الدم الفلسطيني.
- كيف ترى دعوة الرئيس محمود عباس إلى "حماس" لقبول صفقة الأسرى؟
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هو رأس الشرعية الدستورية والوطنية والتاريخية الفلسطينية، وهو رئيس دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك رئيس حركة "فتح" والسلطة الوطنية الفلسطينية، وقد جاءت الدعوة التي وجهها إلى حركة "حماس" في لحظة تاريخية مفصلية وفارقة، باتت فيها الأولوية المطلقة لوقف العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة، ولهذا فإنني أؤيد الدعوة التي وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى حركة "حماس"، وقد بات بالفعل الأولوية المطلقة على المستوى الفلسطيني الرسمي والشعبي وضع حد لنزيف الدم الفلسطيني ووقف العدوان والحرب الصهيونية الوحشية وحرب الإبادة والتطهير العرقي الاجرامي التي يواصل العدو الصهيوني المجرم تنفيذها للشهر الخامس على التوالي ضد شعبنا الفلسطيني المظلوم الذي يعاني من نكبة كبرى وأوضاع معيشية غير آدمية كارثية ومأساوية لا يمكن لأحد على وجه الأرض احتمالها، وبالتالي فإنَّ الاستجابة للورقة المصرية وما نتج عن (لقاء باريس الرباعي) و(لقاء القاهرة الرباعي)، سوف يعجِّل بوقف العدوان وسيمنع العدو الصهيوني من اجتياح رفح، وسيحشر المجرم الأكبر نتنياهو في الزاوية.
ويتوجب على "حماس" أن تستجيب لنداء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأيضاً أن تضع كامل ثقتها في الشقيقة الكبرى مصر وهي التي عرفنا عنها دوماً الحرص التام والكامل على مصلحة الشعب الفلسطيني وحرصها الشديد على حماية القضية الفلسطينية ومنعها من الذوبان والتصفية، وهي التي تعمل دوماً على تعزيز صمود ورباط الشعب الفلسطيني، وتدعم حقه في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
- هل تتوقع تصعيد سياسي مصري في إطار التوتر القائم مع احتمال اجتياح رفح.
بالتأكيد مصر لن تقبل للعدو الصهيوني باجتياح رفح، ولن تصمت على مثل هذا الأمر الخطير في حال حدوثه، وهناك موقف سياسي متصاعد محذراً العدو الصهيوني من الإقدام على اجتياح رفح، ولوحت مصر بالعديد من الإجراءات التي ستتخذها ضد الكيان الصهيوني حال اقدامه على ارتكاب مثل هذه الحماقة الكبرى، نظراً للآثار والنتائج الكارثية التي ستحدث نتيجة الاجتياح الصهيوني لرفح التي تكتظ بمليون ونصف مليون من النازحين الفلسطينيين، مما يعني وقوع مجازر كبرى للفلسطينيين، وما سينتج عن ذلك من احتمال ارغام العدو للفلسطينيين على الهجرة القسرية والطرد نحو الأراضي المصرية، ومصر بكل الأحوال والظروف لن تقبل بحدوث أي من هذه السيناريوهات الخطرة.
- كيف ترى زيارة مدير المخابرات الأميركية للقاهرة ولقائه بالرئيس السيسي، وهل تلك الزيارة ستغير في الأحداث شيئا؟
هذه الزيارة وما صاحبها من اجتماع رباعي مصري أميركي قطري مع الوفد الصهيوني، جاءت تمهيداً وتحضيراً ودفعاً للمفاوضات الغير مباشرة المأمول أن تبدأ بين حركة "حماس" والاحتلال الصهيوني برعاية مصر، ووساطة مصرية/قطرية، وضمانة أميركية، وزيارة مدير المخابرات الأميركية والوفود الأخرى، بالتزامن مع الحركة السياسية النشطة التي تشهدها القاهرة، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على الدور المركزي والمحوري المصري في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني واحتضان الشقيقة الكبرى مصر للقضية الفلسطينية وحرصها على كافة الحقوق والثوابت والمكاسب الوطنية الفلسطينية ودورها المركزي والرئيس في توحيد الصفوف الفلسطينية وانهاء الانقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة وفاق وطني او وحدة وطنية فلسطينية، وكذلك تؤكد على الحرص والجهد المصري المتواصل من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني ووقف العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة، وكذلك فإن هذه الزيارة والحراك السياسي الكبير الذي تشهده القاهرة تؤكد على مركزية ومحورية وأهمية الدور المصري في ملف الصراع العربي ــ الإسرائيلي.