تمكّن وزير العمل مصطفى بيرم من انتزاع موافقة مبدئية من مختلف مكوّنات لجنة المؤشر على رفع الحدّ الأدنى للأجور من 9 ملايين ليرة شهرياً إلى 15 مليوناً، علماً بأنّ المفاوضات قد تقود نحو 20 مليون ليرة.
ويتوقّع أن يدعو بيرم لجنة المؤشّر إلى اجتماع يُعقد الأسبوع المقبل لإقرار هذا التعديل وتوثيقه بمحضر ورفع الاقتراح إلى مجلس الوزراء لإصدار المرسوم.
رغم ذلك، ما زال تصحيح الأجور بعيداً من التضخّم التراكمي للأسعار بنحو 55 مرّة، بل هو يغطّي أقل من نصف ما يُفترض إقراره للعمال.
ويأتي هذا الأمر بعد رفض هيئات أصحاب العمل على امتداد الأشهر الماضية، لمبدأ مناقشة تعديل الأجور، إذ عمد أعضاء هذه الهيئات إلى ربط التصحيح بـ«انتهاء الحرب على غزة»، وكشفوا عن موقفهم في الاجتماع الأخير للجنة المؤشّر في كانون الثاني حين ناقشت زيادة بدل النقل إلى 450 ليرة عن كل يوم عمل.
أيضاً هو اتفاق يربط النزاع بين حقوق العمال وممانعة أصحاب العمل يسوّق له بيرم على قاعدة «خذ وطالب».
قصة هذا الاتفاق بدأت مع رفض إدارة الضمان الاجتماعي تصاريح المؤسّسات عن أجور الموظفين تحت سقف الـ20 مليون.
ورغم أن قرار إدارة الضمان مخالف للأصول، إلّا أنّ بيرم لقف الفكرة وطرح الموضوع مع رئيس هيئات أصحاب العمل محمد شقير، على هامش ندوة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي. فاستحصل أولاً على موافقة رئيس المجلس شارل عربيد ثمّ موافقة شقير، وبدا الأمر بمنزلة إقرار منهما بضرورة إقرار الزيادة التي لا تتناسب بعد مع التصحيح الفعلي المطلوب.
عملياً، سقطت حجّة انتظار نهاية الحرب في غزّة ولبنان.
يقول شقير إن «بوادر انتهاء الحرب لا تلوح في الأفق»، لافتاً إلى أنّ الغلاء كان فاحشاً في السنة الماضية ما انعكس سلباً على القدرة الشرائية للأجور.
كذلك، أشار إلى أن المفاوضات على الرقم النهائي للحدّ الأدنى تتطلّب حسم عوامل أخرى مثل «الزيادات التي تنوي المدراس الخاصة إضافتها على الأقساط.
فالقطاع الخاص يدفع الآن 3 ملايين ليرة فقط كمنحة مدرسية، وهذا المبلغ لم يعد يساوي شيئاً».
رغم ذلك، يضع شقير سقوفاً للتصحيح، مشيراً إلى أنه يتخوّف من إقرار زيادات «مجنونة» تؤدي إلى قيام الشركات الخاصة بالاستغناء عن العامل اللبناني وتوظيف الأجنبي مكانه.
يتوقع أن تُقرّ ثلاثة أنواع من الزيادات على الأجور قبل حلول شهر رمضان في منتصف الشهر المقبل.
تصحيح الحدّ الأدنى أوّلها، وثانيها الزيادة على بدل النقل التي أُقرّت وصدر مرسوم تطبيقها إلى 450 ألف ليرة عن كل يوم عمل، وثالثها تعديل المنح المدرسية.
رغم ذلك، إن كل هذه الزيادات لا تصل إلى الحدّ الأدنى العادل للأجور المقدّر بـ49 مليون ليرة شهرياً والمحتسب بالاستناد إلى التضخّم التراكمي منذ نهاية 2018 حتى نهاية 2023، والبالغ 5534%.
أما متوسط الأجور الذي يعتمده الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فهو 18 مليون ليرة، أي أعلى بنسبة 13% من الحدّ الأدنى المنتظر إقراره، وأدنى من الحدّ الذي وضعته إدارة الضمان للتصريح عن الأجور.
ويُعتقد على نطاق واسع، أنّ الحدّ الأدنى الفعليّ للأجور أعلى بكثير من 20 مليون ليرة، ولكنّ المؤسسات تغشّ وتصرّح عن الحدّ الأدنى الرسمي، أي 9 ملايين ليرة حتى يتاح لها التهرّب من تسديد اشتراكات الضمان ومن تسويات نهاية الخدمة للموظفين الذين يتركون العمل.
لكن هذا الأمر لا يتيح قانوناً لإدارة الضمان أن تتعسّف في تطبيق القوانين وإجبار الشركات على التصريح عن أجور أعلى من 20 مليون ليرة.
الفوضى والتعسّف يخلقان مزيداً من الفوضى والتعسّف.