من الحكم الخالدة التي ينبغي ألّا تغيب عن بال أيّ مسؤول يتقلّد منصبًا مهمًّا علا شأنه أم صغر، مقولة:
"لو دامت لغيرك لما آلت إليك".
وهي مقولة منقوشة على قصر "السّيف" في دولة الكويت. كما أنّ الرّئيس الشّهيد رفيق الحريري قد وضع هذه العبارة التاريخيّة على مدخل السّرايا الكبير: "لو دامت لغيرك لما اتّصلت إليك".
إنّ هذا الكلام العميق في معناه يجب أن يكون البوصلة التي ينبغي أن يتنبّه إليها كلّ من يرى في نفسه الدّيمومة والجبروت.
"لو دامت لغيرك لما وصلت إليك"، لهذه المقولة آثارٌ جانبيّة وخاصّة في التّعامل مع الآخرين، لدرجة أنّ بعض السّياسيّين يظنّون أنّهم تملّكوا المناصب التي عُهدت إليهم. لكن سها عن بالهم أنّ المنصب مهما طال أمده، فإنّ له نهاية.
لذا، وجب على كلّ مسؤول أن يتّعظ ممّن سبقه. وبالتّالي فإنّ وضع هذه المقولة في مكاتب المسؤولين يجعل ممّن يُعدُّ منهم زاهدًا في المنصب غير متشبّث به.
هذا في الواقع السياسيّ الدّوليّ. أمّا في الواقع السّياسيّ اللبنانيّ فالأمر مختلف، إذ الكثير من المسؤولين يظنّون أنّهم مخلّدون، وأنّ السّاعة غير آتية.
وقد قال أحد الشّعراء:
"وأعزّ ما يبقى ودادٌ دائمٌ
إنّ المناصب لا تدوم طويلًا".
حبّذا لو يتّعظ بعض رجال السّياسة في لبنان من هذه المقولة الرّاقية والجوهريّة، فنصير عندئذ في بداية الطّريق من عمليّة التّغيير على كلّ الصّعد والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتّربويّة والصحّيّة والنّفسيّة إلى ما هنالك من أمور تعزّز مكانة الدّولة بهيبتها ومرتكزاتها.
ونختم بقول الشّاعر:
"إنّ المناصب لا تدوم لواحدٍ
فإن كنت في شكٍّ فأين الأوّلُ
فاصنع من الفعل الجميل فضائلَ
فإذا عُزلت فإنّها لا تُعزلُ"...